واجهت لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (أيباك) مهمة لا تحسد عليها في السنوات الأخيرة. فقد وُجدت أيباك لتدعم وتعزز العلاقات الأمريكية الاسرائيلية. ولكن خلال فترتي الادارتين الرئاسيتين الأخيرتين، لم يكن هناك تماما أي إجماع حزبي بشأن ما ينطوي عليه مثل هذا الدعم وما إذا كان يتعين تقديمه أساسا.
ويقول الكاتب الأمريكي إيلي ليك في تقرير له نشرته وكالة بلومبرج للأنباء أن أحدث مثال على هذا التحدي يتعلق بخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية.
وعلى السطح، قد لا يبدو هذا قرارا صعبا بالنسبة للسياسيين الأمريكيين. فقد قال القادة الإسرائيليون طوال ثلاثة عقود تقريبا إن أي حل دولتين مع الفلسطينيين سيتعين أن يتيح لإسرائيل الدفاع عن حدودها في وادي الأردن وأخذ المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية في الاعتبار.
وتقول خطة الرئيس رونالد ترامب للسلام التي تم الكشف عنها في يناير الماضي صراحة إن الوادي والمستوطنات اليهودية ستكون جزءا من إسرائيل في أي اتفاق نهائي. ومع ذلك فإن هذه القضية أحدثت انقساما بين الجمهوريين والديمقراطيين. وحتى إدارة ترامب حذرت نتنياهو ومساعديه سرا من المضي قدما في عملية الضم ما لم تكن حكومة الوحدة الوطنية الاسرائيلية ملتزمة بخطة ترامب الأوسع نطاقا للسلام، وحتى يكون ذلك واضحا.
ويرى ليك، كما كتب الصحفي والكاتب الأمريكي الإسرائيلي في بلومبرج الأسبوع الماضي، أنه يبدو أن نتنياهو يعتزم المضي قدما في عملية الضم دون تنفيذ الأجزاء الأخرى من الخطة والتي تعتبر أكثر قبولا من جانب الفلسطينيين.
وفي ضوء ذلك قررت أيباك تجنب هذه القضية. ووفقا لتقرير نشرته وكالة تليجرافيك اليهودية مؤخرا ، فإن أيباك تقول للنواب الأمريكيين على نحو خاص أنه طالما لا يدفعون نحو الحد من المساعدات لإسرائيل،” بإمكانهم انتقاد خطة الضم دون المخاطرة بفقدان الدعم من أيباك مستقبلا”.
ويضيف ليك أن هذا ليس أمرا مستغربا، ففي الثمانينيات والتسعينيات، دعمت أيباك في بعض الحالات خصوما أساسيين لنواب كانوا ينتقدون إسرائيل صراحة. ولكن في السنوات الأخيرة تراجعت المنظمة عن هذا الأسلوب. ففي عام 2015 دعمت أيباك بعض الديمقراطيين في الكونجرس الذين صوتوا لصالح الاتفاق النووي الإيراني الذي كانت تعارضه المنظمة.
وعلي أية حال، فإن السياق مهم. ففي الأسابيع الأخيرة، ضغطت المزيد من الجماعات الليبرالية على النواب الديمقراطيين ليعارضوا صراحة خطة نتنياهو للضم. وقد فضل بعضهم أيضا إثارة موضوع المساعدات العسكرية الأمريكية التي تحصل إسرائيل على أكبر حصة منها وذلك من أجل الضغط للتراجع عن الضم.
ويقول ليك إن رسالة أيباك هنا مهمة، فبينما لا تتخذ أي موقف بالنسبة لعملية الضم، قالت في ورقة من صفحة واحدة توضح سياستها تم إرسالها إلى الكونجرس إن أي سلام دائم” يمكن تحقيقه فقط إذا واصلت الولايات المتحدة المساعدة في ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل- والمتمثل في القدرة على مواجهة وهزيمة أي تهديد عسكري تقليدي كبير مع تكبد الحد الأدنى من الأضرار والخسائر في الأرواح”. ويعني هذا أن فرض الشروط أو خفض المساعدات العسكرية لإسرائيل سيقوض الهدف الأكبر الخاص بحل الدولتين.
ويوضح ليك أن هذا قد يكون حقيقيا، وفي الوقت نفسه، من الحقيقي أيضا أنه ستكون هناك أوقات يختلف فيها القادة الإسرائيليون والأمريكيون بشأن السياسة . وأحدث مثال على ذلك اتفاق باراك أوباما النووي مع إيران. ومن المؤكد تقريبا أن أي رئيس ديمقراطي سوف يتصادم مع أي حكومة يمين- وسط إسرائيلية بشأن خطة ترامب للسلام.
ويرى نتنياهو أن هذه فرصة نادرة لإسرائيل لتحقيق حدود أكثر أمانا للأجيال المستقبلية . ومعظم الديمقراطيين يرون أنها غطاء للقضاء على ما تبقى من عملية السلام التي بدأت منذ 30 عاما تقريبا.
وفي هذا الصدد تعتبر أيباك حكيمة في تجنبها لقضية الضم. فهذه المنظمة لن تكون فعالة إذا أغضبت حزبا سياسيا لإرضاء حزب آخر.
ويختتم ليك تقريره بالقول إن هذا الجدل يثير أيضا تساؤلا أكثر عمقا بشأن غرض وإستراتيجية أيباك الأوسع نطاقا. فأمريكا وإسرائيل تتفقان بالنسبة لمعظم القضايا الإستراتيجية. ولكن سوف تكون هناك أوقات لا يتفقان فيها. وفي تلك الظروف من المحتمل استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية التي تبلغ 8ر3 مليار دولار كنوع من الضغط. ويجب أن تكون الإستراتيجية الطويلة الأمد الأكثر حكمة بالنسبة لإسرائيل ومنظمة أيباك هي توقع تلك الحالات الحتمية من الاختلافات والبدء في خفض تلك المساعدات تدريجيا للاستغناء عنها تماما.