حكم جديد أصدرته المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة برئاسة المستشار المستشار الدكتور حسنى درويش نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين ناصر رضا عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد العزيز السيد نواب رئيس مجلس الدولة، أكدت فيه على أن سيناء موقع استراتيجى لمصر وأن الموافقة الرباعية ( الدفاع والداخلية والمخابرات والجهاز الوطنى لتنمية سيناء) شرط جوهرى لتقنين وضع اليد، وأعادت فيه 40 فدانا للدولة بشبه جزيرة سيناء للدولة لعدم الحصول على موافقات تلك الجهات كما أكدت على أن موافقة وزير الزراعة على بيع الأرض موافقة معدومة ولا قيمة لها إذ لا ولاية لوزير الزراعة على أراضى سيناء.
وأبانت المحكمة إن الحكمة التى تغياها المشرع من الحصول على موافقة وزارتى الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العامة ومجلس إدارة الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء لتملك واضعى اليد على الأراضى التى قاموا بالبناء عليها أو التى تم استصلاحها واستزراعها بشبه جزيرة سيناء، تكمن فى تحقيق فكرة الأمن القومى بحسبان شبه جزيرة سيناء ذات موقع استراتيجى لمصر والمشرع الدستورى – بموجب المادة 86 منه – جعل الحفاظ على الأمن القومى واجب والتزام الكل بمراعاته مسئولية وطنية يكفلها القانون والدفاع عن الوطن وحماية أرضه شرف وواجب مقدس وبات مسلمًا أن الأمن القومى حقيقة متغيرة تبعًا لظروف الزمان والمكان وفقا لاعتبارات داخلية وخارجية تقدرها الدولة فى مستوياتها العليا على نحو أصبح مفهوم الأمن القومى يتطور بتطور الظروف ويرتبط ارتباطا وثيقا بالأوضاع والمعطيات والعوامل المحلية والإقليمية والدولية ,لحماية مجموعة مصالح الدولة الحيوية وصيانتها وتأمين كيانها ضد الأخطار التى تهدد وجودها , وقد أضحى الأمن القومى بهذه المثابة , حالة ديناميكية مركبة وليست استاتيكية تتسم بالجمود.
وقالت المحكمة إن المشرع وضع أحكاما خاصة للأراضى الواقعة فى شبه جزيرة سيناء نظرا لما لها من مكانة متميزة عبر التاريخ القديم والحديث إذ شهدت أرض سيناء العديد من الأحداث التاريخية أبرزها الحملة الصليبية الأولى ثم افتتاح قناة السويس عام 1869 كما شهدت مراحل طويلة من الصراع العربى الإسرائيلى أهمها العدوان الثلاثى عام 1956 وحرب يونيو عام 1967 وحرب اكتوبر عام 1973 مما يجعلها لها مكانة استراتيجية لدى الدولة وانعكس ذلك على التنظيم القانوني للأراضي التى تقع على أراضيها, فصدر قرار رئيس الوزراء 350 لسنة 2007 بشأن حق الشركات والمنشآت فى تملك الأراضى والعقارات اللازمة لمباشرة نشاطها أو التوسع فيه فأجاز للشركات والمنشآت استغلال الأراضى والعقارات الكائنة بشبه جزيرة سيناء عن طريق حق الانتفاع فقط وبالشروط التالية بتوافر عدة شروط أهمها إبرام عقد انتفاع محدد المدة ما بين سنة إلى 99 سنة مع الجهة صاحبة الولاية على الأرض طبقا لطبيعة كل نشاط ويجوز تجديد هذه المدة لمدد مماثلة بالاتفاق والحصول قبل تخصيص الأرض أو إبرام عقد الانتفاع على الموافقات اللازمة من) وزارة الدفاع – وزارة الداخلية – هيئة الأمن القومى – المحافظة المختصة) وتؤول المبانى والمنشآت المقامة على الأرض الممنوحة بموجب حق الانتفاع فى نهاية مدته إلى الجهة الأصلية المالكة للأرض.
وأضافت المحكمة ثم صدر المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بشأن التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء عقب ثورة 25 يناير بعام حاميا لها من الاختطاف – والذى نشر بالجريدة الرسمية العدد (3) تابع بتاريخ 19 يناير سنة 2012 وأشار فى ديباجته إلى القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية والقانون رقم 7 لسنة 1991 فى شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة وحدد شبه جزيرة سيناء تحديدا بكامل محافظتى شمال وجنوب سيناء والمناطق الواقعة داخل الحدود الإدارية لمحافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد , وأنشأ الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء ,وحدد مناطق التنمية المحدودة بالمناطق التى تقام فيها المشروعات الصغيرة وغيرها من مشروعات خدمة المجتمع والبيئة .ومناطق التنمية الاستثمارية بمناطق المشروعات الاستثمارية المختلفة مثل السياحية , العمرانية , الزراعية , الصناعية , التعدينية , التجارية وغيرها من المشروعات الأخرى ومناطق التنمية الشاملة (المتكاملة): بالمناطق التى تقام فيها المشروعات القومية كمحاور للتنمية بوجه عام للنهوض والارتقاء بمستوى أهالى سيناء المعيشية فى مختلف المجالات , ومنها : ( ميناء شرق التفريعة , المدينة المليونية بشرق بورسعيد والمنطقة الصناعية , مشروع 400 ألف فدان على ترعة السلام , وادى التكنولوجيا – ساحل خليج السويس , وغيرها من المشروعات القومية الأخرى) وحدد جهات الولاية بجهات الدولة المخصص لها مساحات داخل شبه جزيرة سيناء وتعنى بتنميتها والتصرف فيها وإدارتها واستغلالها فى جميع الأنشطة والاستخدامات. وجعل استغلال الأراضى والعقارات المبنية للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين بمناطق التنمية بنظام حق الانتفاع دون غيره من الحقوق العينية الأصلية , وحظر أن يتحول حق الانتفاع لأى سبب من الأسباب لحق ملكية لصاحب الانتفاع أو غيره بالنسبة للأراضى والعقارات المبينة محل الاستثمار أو الاستغلال , كما حظر أن يكون حق الانتفاع محلًا لأى تصرف من أى نوع كان إلا بعد الحصول على موافقة من مجلس الإدارة ووزارتى الدفاع والداخلية والمخابرات العامة ورتب على مخالفة ذلك بطلان التصرف ولكل ذى شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.
وذكرت المحكمة ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 959 لسنة 2012 بإصدار اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 بشأن التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء وحظر تملك أو تخصيص العقارات و الوحدات للإقامة فيها بالمنطقة أو منح حق الانتفاع بها سواء للمصريين أو الأجانب في مناطق التنمية إلا بعد الحصول على موافقة مجلس إدارة الجهاز ووزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة وأوجب على الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين طالبي التملك أو التخصيص أو حق الانتفاع التقدم بطلب للجهاز للحصول على موافقته المتضمنة موافقة وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة وذلك خلال تسعين يومًا من تاريخ تقديم الطلب وإذا لم تصدر الموافقات المشار إليها خلال هذه المدة يعتبر الطلب مرفوضًا.
واستطردت المحكمة ثم صدر قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 95 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 بشأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء ولم يجز تملك أو تخصيص الأراضي أو العقارات أو الوحدات بغرض الإقامة أو منح حق الانتفاع أو إجراء أي تصرفات بها عقارية أو عينية سواء للمصريين أو الأجانب أو التأجير للأجانب بالمنطقة إلا بعد الحصول على موافقة مجلس الإدارة ووزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة.
ويقع باطلا بطلانا مطلقا أي عقد يبرم على خلاف ذلك ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ثم جعل حق الانتفاع محكوما بضوابط معينة منها أن تكون مدة حق الانتفاع حتى 50 سنة طبقا لطبيعة كل نشاط ويجوز تجديد هذه المدة لمدد أخرى بحيث لا يزيد إجمالي مدة حق الانتفاع على 75 سنة وذلك بعد موافقة مجلس الإدارة وحظر تحول حق الانتفاع لأي سبب من الأسباب لحق ملكية لصاحب الانتفاع أو غيره بالنسبة للأراضي والعقارات المبنية محل الاستثمار أو الاستغلال ولم يجز أن يكون حق الانتفاع محلا لأي تصرف من أى نوع إلا بعد الحصول على موافقة من مجلس الإدارة ووزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة وإلا كان ذلك التصرف باطلا ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، والزم المنتفع باستخدام العين المنتفع بها خلال المدة المقررة بالعقد وفقا للقواعد والشروط الحاكمة سواء الصادرة من مجلس الإدارة أو المنصوص عليها بالعقد ويحظر على المنتفع استخدام العين المنتفع بها في غير الغرض موضوع حق الانتفاع,وجعل استغلال الأراضي والعقارات المبنية بالأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من المصريين والأجانب بمناطق التنمية بنظام حق الانتفاع دون غيره من الحقوق العينية الأصلية ويقع باطلا كل إجراء أو تصرف في حق الانتفاع بالمخالفة للأحكام السابقة ولا يجوز شهر أيهما ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها , والزم المشرع المحافظين ووحدات الإدارة المحلية وكافة أجهزة الدولة بالمنطقة بأحكام هذا القرار بقانون فيما يتعلق بحق الملكية أو الانتفاع أو الاستخدام مع ضرورة الحصول على موافقة وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة ومجلس الإدارة وفقا لما ورد بهذا القرار بقانون.
وأضافت المحكمة: أخيرا صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 48 لسنة 2017 بشأن قواعد وشروط تملك واضعى اليد على أراضٍ فى شبه جزيرة سيناء فأجاز التملك بموجب هذا القرار لواضعى اليد على الأراضى التى قاموا بالبناء عليها أو التى تم استصلاحها واستزراعها بشبه جزيرة سيناء من الأشخاص الطبيعيين وجعلها لحاملى الجنسية المصرية وحدها دون غيرها من أى جنسيات أخرى بل ومن أبوين مصريين وللأشخاص الاعتبارية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين وسواء كان الأمر يتعلق بواضعى اليد من الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية فاشترط توافر شرط جوهرى يتمثل فى موافقة وزارتى الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العامة ومجلس إدارة الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء، وموافقة هذه الأجهزة هى القاسم المشترك الذى توافر فى كافة الأنظمة الحاكمة للأراضى التى تقع فى شبه جزيرة سيناء ويقع باطلا بطلانا مطلقا أى عقد يبرم على خلاف ذلك ولكل ذى شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها ولا يجوز شهر هذا التصرف، كما جعل التعامل على الأراضى التى تم استصلاحها واستزراعها قبل العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 المعدل بالقرار بقانون رقم 95 لسنة 2015 سواء كانت من الأراضى الصحراوية أو الأراضى الزراعية القديمة وفقا للشروط الاَتية: ألا تزيد مساحة الأراضى المستصلحة والمستزرعة على مائة فدان للفرد ومائتى فدان للأسرة وتشمل الأسرة الزوجات والأولاد القصر غير المتزوجين دون الإخلال بالحد الأقصى للملكية فى الأراضى الصحراوية الخاضعة للقانون رقم 143 لسنة 1981 وألا تزيد مساحة الأراضى الزراعية القديمة على عشرة أفدنة وأن يتوافر للأرض مصدر رى دائم .
وأوضحت المحكمة أن الطاعن ينازع الحكومة فى الزامها بتحرير عقد بيع له عن الأرض الحائز لها بوضع اليد الكائنة بمنطقة رأس سدر بجنوب سيناء ومساحتها 40 فدانًا استنادًا إلى أنه قام باستصلاحها وزراعتها بأشجار الموالح وزودها بشبكة الرى اللازمة للزراعة، فإنه فى ظل القوانين والقرارات المنظمة لشبه جزيرة سيناء كانت تحظر تملك أراضى وضع اليد التى تم استصلاحها واستزراعها فى تلك الجزيرة ثم تطور الأمر وأصبح من الجائز التملك لواضعى اليد على الأراضى التى قاموا بالبناء عليها أو التى تم استصلاحها واستزراعها بشبه جزيرة سيناء من الأشخاص الطبيعيين لحاملى الجنسية المصرية وحدها دون غيرها من أى جنسيات أخرى ومن أبوين مصريين وللأشخاص الاعتبارية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين وسواء كان الأمر يتعلق بواضعى اليد من الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية فاشترط توافر شرط جوهرى يتمثل فى موافقة وزارتى الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العامة ومجلس إدارة الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء وخلت الأوراق من الحصول على تلك الموافقة للوزارات والأجهزة المذكورة فمن ثم لا يستمد الطاعن إلى أساس قانونى سليم فى طلبه تقنين وضع يده على المساحة محل النزاع بما يضحى معه الطلب الماثل فاقدًا سنده القانونى جديرًا بالرفض.
واختتمت المحكمة لا يغير من ذلك ما ذكره الطاعن أنه حصل على موافقة وزير الزراعة وموافقة المستشار القانونى له فلا عبرة بتلك الموافقات ولا ولاية لها وتنعدم كل قيمة قانونية لها أمام ما اشترطه القانون من موافقة جوهرية للجهات الرباعية التى ناط بها القانون الأراضى التى تقع فى شبه جزيرة سيناء المتمثلة فى وزارتى الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العامة ومجلس إدارة الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء بحسبان أن شبه جزيرة سيناء تحكمها قوانين خاصة شديدة الصرامة بحكم استراتيجيتها لمصر الوطن.