شر موقع “ديلي بيست” تقريرا للصحافي المخضرم روي غوتمان، يقول فيه إن الصحافي السعودي جمال خاشقجي تم قتله خنقا ثم تقطيعه مباشرة بعد دخوله إلى القنصلية السعودية، في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب ما قال المدعي العام التركي في اسطنبول يوم الخميس.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “، إلى أن هذا الكشف يأتي ليزيد من التشكيك في إيضاحات الحكومة السعودية حول جريمة القتل البشعة، والتزامها بتحقيق جدي في القضية، لافتا إلى أن المدعي العام التركي عرفان فيدان كشف الرواية التركية للحقائق، بعد استضافة غير مفيدة للمدعي العام السعودي سعود المعجب، لمدة ثلاثة أيام، فيما وصف سابقا بأنه تحقيق مشترك.
ويعلق غوتمان قائلا: “يبدو الآن أن التحقيق المشترك لن يتحقق بسبب رفض المعجب الإجابة عن أهم الأسئلة العالقة: فمن هو الذي أعطى الأوامر لفريق حكومي سعودي يتألف من 15 عضوا للسفر إلى اسطنبول؟ وكيف تخلصوا من جثمان كاتب عمود في صحيفة (واشنطن بوست)”.
ويجد الموقع أنه كان من الواضح أن المسؤولين الأتراك كانوا غاضبين بسبب انتهاء زيارة المعجب، وترك السعوديين ثغرات مهمة في الرواية، مشيرا إلى قول مكتب فيدان في بيان له: “بالرغم من جهودنا الحثيثة لكشف الحقيقة، إلا أننا لم نحصل على نتائج ملموسة من تلك الاجتماعات”.
وبحسب التقرير، فإن السعوديين ربما يأملون بأن الغضب على مقتل خاشقجي سيتراجع إن استمروا في مماطلتهم، إلا أن بروس ريدل من معهد بروكنغز في واشنطن يشير إلى أنه “كلما حاول السعوديون تطوير قصة تغطية (للجريمة) تكشفت القصة أكثر”، وأضاف ريدل: “إنها جريمة القرن إلى الآن”.
ويلفت الكاتب إلى أن المدعي العام التركي أصدر بيانا، طرح فيه الحقائق في القضية كما يراها مكتبه، وقال البيان: “بحسب خطة كانت أعدت مسبقا، تم خنق الضحية جمال خاشقجي حتى الموت، مباشرة بعد دخول قنصلية السعودية في اسطنبول، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، لإتمام معاملة زواج، وتم تقطيع جثة الضحية.. بعد الموت اختناقا كما كان مخططا له مسبقا”.
ويفيد الموقع بأن المسؤولين الأتراك سربوا للإعلام سابقا بأن خاشقجي قتل خنقا، وأنه تم تقطيع جثمانه، إلا أن هذه كانت هي المرة الأولى التي قالوا فيها إنه تم خنقه مباشرة بعد دخول القنصلية في اسطنبول، ما يدحض ادعاءات السعودية بأن خاشقجي قتل خطأ.
وينوه التقرير إلى أن البيان التركي وضع ضغطا جديدا على الحكومة السعودية والحاكم الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يعتقد أنه من أمر بالقتل، مشيرا إلى أن المدعي العام التركي لم يكشف كيف عرف المسؤولون الحقائق، إلا أنه ليس هناك شك، بناء على محتوى التقارير، بأن المخابرات التركية زرعت أجهزة تجسس في القنصلية السعودية.
ويشير غوتمان إلى أن السعوديين تراجعوا عن رواية نقلتها وكالة “رويترز” عن مسؤولين سعوديين، بأنه تم لف جثة خاشقجي في سجادة وتسليمها “لمتعاون محلي”، وطالبت تركيا السعودية بالتعريف بذلك المتعاون، وقام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بطلب ذلك بنفسه في خطاب له الأسبوع الماضي.
ويستدرك الموقع بأن مكتب المدعي العام السعودي أرسل رسالة مكتوبة لمكتب فيدان، قال فيها: “لم يصدر بيان عن سلطات المملكة العربية السعودية بخصوص وجود متعاون محلي”، إلا أنه لم يصدر إلى الآن بيان عن المسؤولين السعوديين ينكر تقرير “رويترز”.
ويذهب التقرير إلى أن أسئلة فيدان للمعجب تشير إلى صورة واضحة تدين عناد السعودية، وبحسب البيان، فإن المسؤولين الأتراك طلبوا شفاهة وكتابة من السعوديين أن يعرفوا “(أ) أين جثمان جمال خاشقجي، و(ب) إن كان التحقيق السعودي اكتشف أي شيء بخصوص مرحلة التخطيط لقتل خاشقجي، و(ج) من هو المتعامل المحلي”.
ويذكر الكاتب أن المعجب غادر اسطنبول يوم الأربعاء، وقدم ردا مكتوبا قام الأتراك بنشره، فقال مكتب المدعي العام السعودي إن المعجب دعا في رده المدعي العام التركي وفريقه للسعودية “مع الأدلة التي حصلوا عليها”.
ويورد الموقع نقلا عن البيان السعودي، قوله إن مسألة ماذا حصل لجثمان خاشقجي، وعما إذا كان القتل مع سبق الإصرار، يمكن اكتشافها فقط نتيجة لتحقيق مشترك مع السعودية، ما بدا محاولة لتسليط الضوء على الطريقة التي تم فيها جمع الأدلة التركية، ورفضت تركيا مشاركة التسجيل مع أي بلد.
وينقل التقرير عن ريدل في واشنطن، قوله إن الشاهد الرئيسي في القضية هو القنصل العام في وقت جريمة القتل محمد العتيبي، وهو متهم بالقيام بدور رئيسي في المؤامرة، حيث أخبر الرياض بأن خاشقجي زار القنصلية في اسطنبول في 28 أيلول/ سبتمبر؛ للحصول على وثائق للزواج، بالإضافة إلى أن العتيبي كان موجودا عندما وقع القتل والتقطيع.
وأضاف ريدل: “أنا أعلم أن السعوديين لن يقدموا هذا الشخص.. لكن بإمكانه الإجابة عن الأسئلة كلها، وآمل عندما يعقد وزير الخارجية السعودي مؤتمرا صحافيا أن يسأله الصحافيون لماذا لم تقدم السعودية (العتيبي للإجابة عن الأسئلة بخصوص جريمة القتل)”.
ويختم “ديلي بيست” تقريره بالإشارة إلى أن ريدل لا يعتقد أن الأتراك سيدعون هذه القضية تموت، قائلا: “من المؤكد أن إهانة السعوديين تشفي غليلهم”.