أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، أن احتياجات الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة حتى 2030 تقدر بنحو 230 مليار دولار.
وقال الرئيس السيسي، في الكلمة التي ألقتها نيابة عنه الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، إن العديد من الدراسات أكدت حاجة العالم إلى الانتقال من الحديث عن المليارات الى تريليونات الدولارات لتمويل برامج تحقيق التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية عام 2018 قدر حجم الاحتياجات التمويلية لكافة دول العالم لتلبية أهداف التنمية المستدامة بمبلغ يتراوح بين 5 إلى 7 ترليون دولار سنويًا حتى عام 2030.
وأضافت الدكتورة هالة السعيد، خلال افتتاح النسخة الثانية من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة بعنوان “الانطلاق نحو العمل” والمنعقد بمقر جامعة الدول العربية تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي في الفترة من 19 و22 من نوفمبر الجاري ليمثل اليوم الرابع من فعاليات الأسبوع والموافق يوم الخميس القادم يوم “مصر” بأعمال المؤتمر والتي تقوم بتنظيمه وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري والأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى النجاح الذي شهده الأسبوع العربي الأول للتنمية المستدامة والذي حرصت مصر على استضافته وتنظيمه في شهر مايو العام الماضي بتعاون مثمر مع كل من جامعة الدول العربية والبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة.
كما نقلت هالة السعيد تحيات وترحيب الرئيس بمناسبة افتتاح أعمال الأسبوع العربي الثاني للتنمية المستدامة وتمنيات بنجاح أعمال الأسبوع.
وأكد أن تلك المشاركة الواسعة جاءت بهدف استمرار التعاون في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، والانطلاق بالشراكات نحو تحقيق أهداف المجتمعات العربية، والعمل على إيجاد الحلول لقضايا التنمية المستدامة في المنطقة العربية.
ولفت الرئيس السيسي في كلمته إلى أن اجتماع اليوم جاء في الوقت الذي يشهد فيه العالم أجمع وفي القلب منه المنطقة العربية ظروفًا ومتغيرات اقتصادية وسياسية متسارعة وفي غاية الأهمية مما يفرض مزيدًا من الأعباء والتحديات وبما يؤثر سلبًا على الجهود التي تبذلها الحكومات لتحقيق التنمية مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب مضاعفة الجهد والعمل الجاد والحثيث.
وأوضح رئيس الجمهورية في كلمته التي ألقتها الدكتورة هالة السعيد أن المجتمع الدولي كان قد أولي خلال العقدين الأخيرين اهتمامًا كبيرًا بعملية التنمية المستدامة والجهود الأممية لتحقيقها، ليعتمد قادة العالم خلال الدورة السبعين للأمم المتحدة في سبتمبر 2015 ” خطة التنمية المستدامة 2030″ إدراكًا لحاجة دول العالم لخطةٍ جديدةٍ لاستكمال الجهود لتحقيق التنمية المستدامة لما بعد عام 2015 متابعًا أن تلك الخطة قد حظيت بموافقة 193 دولةً مِنْ الدولِ الاعضاءِ بالأممِ المتحدةِ حيث حددت 17 هدفًا لتحقيق التنمية المستدامة و169 غاية لمتابعة وقياس تنفيذها، لتدخل بالفعل حيز التطبيق والنفاذ في الأول من يناير 2016 ممثلة الركيزة الاساسية التي تنطلق منها الأهداف والخطط التنموية الوطنية والإقليمية.
وأكد الرئيس في كلمته أن الدول العربية كانت سبّاقة سواء في إطار جماعي أو في إطار وطني في الالتزام بالأهداف الأممية لخطة التنمية المستدامة 2030 حيث أبدت الدول العربية التزامها بهذه الأهداف الإنمائية في إطار جامعة الدول العربية مشيرًا إلى أن قادة العرب قاموا بالمبادرة خلال القمة العربية السابعة والعشرين التي عقدت في نواكشوط في عام 2016 باتخاذ قرار يقضي بإنشاء آلية عربية تتولى متابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 في الدول العربية ليتم تفعيل ذلك بإنشاء “اللجنة العربية للتنمية المستدامة” لرصد ومتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتقديم الدعم لجهود الدول العربية في تنفيذ خططها الوطنية مؤكدًا أن تلك اللجنة تعد تأسيس لعمل عربي مشترك في مجال التنمية المستدامة، وأحدى الآليات التي يمكن التعويل عليها لتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والاقليمية وتبادل الخبرات والتجارب في هذا المجال.
وأوضحت وزيرة التخطيط في الكلمة التي ألقتها نيابة عن الرئيس السيسي، أن العديد من الدول العربية كانت قد أبدت التزامها بتنفيذ هذه الأهداف في الإطار الوطني، من خلال وضع الخطط الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة لتطلق عشر دول عربية استراتيجياتها الوطنية للتنمية المستدامة لتكن مصر من أوائل هذه الدول بإطلاق “استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، والتي تم إطلاقها في فبراير عام 2016 لتشكل الإطار العام المنظم للخطط التنموية وبرامج العمل المرحلية للدولة المصرية خـلال الســنوات المقبلة.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على حرص مصر على أن تتسق رؤيتها مع الأبعاد التنموية الأممية الثلاثة متضمنه البعـــــد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي فضلًا عن الحرص على أن تكون صياغة وإعداد وتنفيذ رؤية مصر 2030 من خلال شراكة بين الحكومة وكافة أصحاب المصلحة من شركاء التنمية من القطاع الخاص والمجتمع المدني مشيرًا إلى أن رؤية مصر 2030 تولى اهتمامًا خاصًا بتوسيع مشاركة كل من الشباب والمرأة في تنفيذ برامج الاستراتيجية وذلك من خلال عقد برامج التدريب وبناء القدرات ودعم ريادة الاعمال، وبرامج التمكين الاقتصادي للمرأة لتشجيع مشاركتها في سوق العمل إلى جانب توفير المناخ الملائم لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بهدف خلق فرص العمل اللائق.
كما أشار، إلى أن مصر تعمل على المشاركة الفاعلة في كافة مبادرات التنمية العالمية والإقليمية، وذلك من واقع مسئوليتها وحرصها الدائم على التعاون مع كافة أطراف المجتمع الدولي تجاه قضايا التنمية لافتًا إلى مشاركة مصرفي الجهود الأممية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال خطة التنمية المستدامة 2030إلى جانب حرصها الدائم على تبادل المعرفة والخبرات والتجارب الناجحة في هذا المجال مشيرًا إلى المشاركة في المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة الذي عُقد في نيويورك يوليو الماضي والتي بادرت مصر خــــلاله ضمن 47 دولة من بينها 8 دول عربية بعرض تقرير المراجعة الوطني الطوعي لجمهورية مصر العربيةVNR والذي تناول الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية في عدد من المجالات تتضمن الصحة والمياه النظيفة والطاقة المتجددة والمدن المستدامة
وحول مشاركة مصر على المستوي القاري أكد رئيس الجمهورية في كلمته على مشاركة مصر بفاعلية في جهود تنفيذ أجندة تنمية أفريقيا 2063 من واقع اعتزازها بانتمائها الافريقي، وتأكيدًا على حرصها على التعاون والتنسيق المستمر مع أشقائها من الدول الأفريقية في مختلف المجالات خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية، بما يسهم في خلق الفرص التجارية والاستثمارية المشتركة لتوفير الاحتياجات التنموية المتزايدة لدول القارة ليحظى دعم هذا العمل والتعاون المشترك بأولوية لدى مصر في ظل رئاستها للاتحاد الافريقي لعام 2019.
وأكد أن تنفيذ تعهدات خطة التنمية المستدامة 2030 الطموحة، يقتضي وضع المعالجات لعدد من المشكلات والتي تتضمن مشكلة تمويل التنمية وذلك من خلال العمل على توفير مناخ دولي ملائم لتدفق الموارد اللازمة للتنمية دون مشروطيات، بالإضافة الى دعم الجهود الوطنية لحشد التمويل للتنمية مشيرًا إلى أن قضية تمويل التنمية تعد أحد أهم المحددات لمدى قدرة الدول على المضي قدمًا في تنفيذ برامج ومشروعات تحقيق التنمية المســتدامة مشيرًا إلى أن أهم ما يجمع خطط وبرامج تحقيق التنمية، سواء علي مستوي الإطارِ الأممي من خلال خطة التنمية المستدامة 2030، أو في الإطارين العربي والوطني هو حاجتها لتوفير التمويل وتعبئة الموارد اللازمة، مما يرتبط بوجود حاجة ماسة لشراكة فاعلة بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المالية لتوفير الاحتياجات التمويلية المتزايدة
وفي اطار الحديث عن التحديات التي تواجه الدول العربية أشار الرئيس إلى الحاجة الى خلق فرص العمل والتشغيل في ظل ارتفاع معدلات البطالة، مؤكدًا أنها تعد أحد أهم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الدول العربية حيث بلغ معدل البطالة في الدول العربية 15% في عام 2017 مما يتجاوز ضعف المعدل العالمي البالغ 5.7% في حين بلغ معدل البطالة بين الشباب في الدول العربية 29% وهي المعدل الأعلى في العالم وذلك لتزداد التحديات في ظل ارتفاع نسبة الشباب في الدول العربية حيث يبلغ عدد من هم دون عمر 30 عامًا نحو 60% من السكان مؤكدًا أن تلك القوة البشرية الهائلة على قدر ما تفرضه من تحديات، تحمل في طياتها أيضًا العديد من الفرص التي ينبغي الاستفادة بها من خلال تشجيع الاستثمار في البشر مؤكدًا أن العالم العربي بحاجة إلى رؤية وخطة واضحة يتشارك في تنفيذها كافة الدول والمنظمات والمؤسسات المالية العربية لإعادة بناء الانسان العربي وتعظيم الاستفادة من قدراته بما يدعم جهود تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
و أشار الرئيس إلى الأهمية القصوي التي توليها الدولة المصرية لهذا النوع من الاستثمار في العنصر البشري لافتًا إلى خطة الدولة لبناء الانسان المصري والتى تمثل أحد المحاور الرئيسية لبرنامج عمل الحكومة 2018-2022والتى وجهت بأن يكون بناء الانسان المصري على رأس أولويات الدولة وخطط التنمية متضمنه بناء الانسان المصري من كافة الجوانب سواء في الصحة أو التعليم أو الثقافة أو الرياضة، بهدف تكوين وبناء شخصية مصرية قادرة على التعامل الإيجابي مع المستجدات المحلية والدولية.
وشدد رئيس الجمهورية في كلمته على أن العالم العربي مطالب حاليًا في ضوء ما يواجهه من تحديات اقتصادية واجتماعية وديموغرافية بالعمل على رفع وتيرة النمو الاقتصادي المستدام بالتركيز على تنويع الهياكل الاقتصادية، والتحول نحو اقتصادات المعرفة وتشجيع إلى جانب تبني عدد من الإصلاحات الهيكلية لزيادة مستويات مرونة أسواق العمل والمنتجات ورفع الانتاجية وتعزيز التنافسية والارتقاء بمستويات رأس المال البشري من خلال التركيز على تحسين مستويات خدمات التعليم والصحة إلي جانب زيادة مستويات مشاركة المرأة في القوة العاملة، وخلق مزيد من فرص العمل اللائق للشباب بتشجيع ريادة الاعمال ونشر ثقافة العمل الحر وتشجيع الابتكار مؤكدًا على أهمية العمل بشكل جاد على تنمية كافة المعاملات البينية فيما يخص مجال التجارة والاستثمار والتمويل المشترك وتوظيف هذه المعاملات بشكل تكاملي بما يتناسب مع ما تتمتع به الدول العربية من موارد وامكانيات وما تواجهه من احتياجات، وبما يدعم جهود الدول لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وفي ختام كلمته أكد رئيس الجمهورية أن الاسبوع العربي للتنمية المستدامة يوفر فرصة مناسبة للقاء وتبادل الخبرات والتجارب، والحوار الجاد والمتواصل بين كافة الشركاء الفاعلين في مجال تحقيق التنمية المستدامة في الدول العربية داعيًا إلى ضرورة انتهاز تلك الفرصة للخروج برؤى واضحة وبرامج عمل قابلة للتطبيق تتكامل من خلالها الجهود الوطنية والإقليمية وكذلك الدولية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تلبي تطلعات الشعوب، مع الإدراك أن تحقيق التنمية المستدامة سيتم بالإنسان ولصالح الإنسان.
ويهدف الاسبوع العربي للتنمية المستدامة إلي دعم خطط تحقيق اهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية من خلال ملاقاة الخطة الاممية في برامجها للتعامل مع قضايا التنمية المستدامة في المنطقة العربية إلي جانب الانطلاق بالشراكات نحو العمل لتحقيق أبرز الأهداف التي يتعلق بها مستقبل المجتمعات العربية فضلًا عن توفير منصة حوار للبحث في قضايا التنمية المستدامة في المنطقة العربية.
يشار إلي أن اليوم الختامي للمؤتمر والموافق الخميس 22 من نوفمبر هو يوم “مصر” من فعاليات الاسبوع العربي للتنمية المستدامة حيث سيتم مناقشة العديد من الموضوعات التي تدور حول آفاق التنمية المستدامة و الابتكار و البحث العلمي و كيفية الحصول علي طاقة نظيفة و القضاء علي الجوع الي جانب القاء الضوء علي سوق مصر للتنمية المستدامة.