“واجهنا أشد التحديات ومررنا بأكبر الصعوبات، ولايزال أمامنا الكثير لنفعله لتخطي المحنة، والعودة شيئا فشيئا إلى الحياة الطبيعية “.. بهذه الكلمات عبر المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، الدكتور أحمد المنظري، عن واقع الحال في مواجهة فيروس كورونا، وذلك بعد مرور عام على إعلان المنظمة الفيروس المستجد “جائحة عالمية”.
ووسط اتهامات لمنظمة الصحة العالمية، خاصة من جانب إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بالتأخير في إطلاق التحذير من خطورة الفيروس، تحدث المسؤول عن الجهود التي تمت في سبيل القضاء على الوباء، وآخر التطورات على صعيد اللقاحات المضادة.
وأعلنت جامعة “جونز هوبكنز” الأميركية، الأربعاء، ارتفاع إجمالي الوفيات حول العالم بسبب كورونا، إلى مليونين و610 آلاف و128 حالة، منذ بداية انتشاره قبل عام.
وبمناسبة مرور عام على إعلان كورونا “جائحة” عالمية، وتحديدا في 11 مارس 2020، قال الدكتور أحمد المنظري، في حوار خاص مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “عام كامل تقريبا قد مضى على ظهور كوفيد-19، واجهنا فيه أشد التحديات ومررنا بأكبر الصعوبات، وفقدنا أحباء وأصدقاء ندعو لهم بالمغفرة والرحمة”.
وبالرغم من ذلك، أكد المنظري أنه كان “عاما مثمرا حققنا خلاله العديد من النجاحات، على صعيد الاستجابة للجائحة”.
“سرعة مذهلة”.. جهود المنظمة في عام
وتقود منظمة الصحة العالمية جهود مكافحة كورونا منذ بدء ظهور الفيروس، وفي هذا السياق قال المنظري: “لقد نجحنا في تقوية قدرات التأهب والاستعداد وتقوية البنية الصحية الأساسية، وتطوير التدخلات العلاجية والوقائية، والوصول بسرعة مذهلة إلى لقاحات مأمونة وفعالة، بل والمضي قدما في حملات التطعيم في عشرات البلدان، وصولا للدول الأقل دخلا”.
وبلهجة واثقة، قال المسؤول في المنظمة الدولية: “لقد منحنا تطوير اللقاحات المزيد من الأمل في قدرتنا على تخطي هذه المحنة، ووقف انتقال الفيروس، والتطلع إلى العودة شيئا فشيئا إلى الحياة الطبيعية”.
بيد أنه أستدرك قائلا: “لكن لا يزال أمامنا الكثير لنفعله على صعيد مضاعفة الكميات المصنعة من اللقاحات؛ لتغطية كل ما تحتاجه الدول، وتعظيم قيم العدالة والإنصاف في توزيعها، ومواجهة التحورات التي طرأت على الفيروس، والاطمئنان إلى عدم تأثيرها على فعالية اللقاحات“.
ومع تحور كورونا لـ3 سلالات (البريطانية والجنوب إفريقية والبرازيلية)، كشف المنظري عن دخول تلك التحورات إلى منطقة شرق المتوسط، من خلال وصول عدد البلدان التي ظهرت فيها إلى 14 دولة في المنطقة، وأضاف: “ربما كان وفودها أحد أسباب ارتفاع أعداد الإصابات في عدة دول”.
وفي هذا الصدد، يقول إن “الثابت حاليا هو أن التحورات الجديدة تسببت في اكتساب الفيروس سرعة الانتشار عن ذي قبل؛ لذا سارعنا في المنظمة بتزويد البلدان بما تحتاجه من قدرات تقنية على صعيد التعامل مع التحورات الجديدة، وخاصة ما يتعلق بتحليل التسلسل الجيني“.
“موجة ثالثة” في الإقليم
ويلفت المسؤول الدولي إلى تعرض بعض بلدان الإقليم لموجة ثالثة من كورونا، قائلا: “المنحنى الوبائي لأعداد الحالات تحرك صعودا وهبوطا مسببا موجات من الجائحة، لكن لا يعني ذلك أن الإقليم كله تعرض لثلاث موجات، فالوضع الوبائي يختلف من بلد لآخر، بل ومن منطقة لأخرى داخل البلد الواحد”.
وفي رأيه، فإن السبيل لتفادي تعرض باقي بلدان الإقليم لموجات أخرى من الجائحة، هو “ضرورة الالتزام بمواصلة الجهود الدؤوبة لاحتواء الفيروس، من الحكومات والمجتمعات والأفراد على حد سواء”.
كما أشار إلى الاستفادة من الإنجاز الذي تحقق على صعيد تطوير اللقاح، من خلال توزيعه على نحو استراتيجي ليغطي الفئات ذات الأولوية كبداية، وعلى نحو منصف وعادل، ليغطي كافة البلدان دون أن تكون القدرة المالية عائقا أمام الدول منخفضة الدخل”.
واستعرض المسؤول بمنظمة الصحة العالمية، جهود توريد اللقاح لدول الإقليم عبر مبادرة “كوفاكس“، وهي الآلية المصممة لضمان الوصول السريع والعادل والمنصف للقاحات.
وتابع: “تعاونت منظمة الصحة مع دول الإقليم؛ لإدراجها ضمن البلدان المستفيدة من تسهيلات كوفاكس، وبالفعل فإن جميع دول الإقليم أصبحت مشاركة في المرفق”.
كما كشف المنظري في حواره مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن هناك 14 دولة في الإقليم تلقت اللقاحات بالتمويل الذاتي الكامل، وهي الإمارات والسعودية والبحرين والكويت ومصر وقطر والعراق والأردن ولبنان والمغرب وعمان وفلسطين وتونس وإيران.
وأشار إلى أن “تسليم اللقاحات لفلسطين وتونس تأجل قليلا عن موعده الذي كان مقررا في فبراير”.
3 دول تحصل على اللقاح عبر “كوفاكس”
ومن جهة أخرى، لفت المنظري إلى أن 3 دول تلقت اللقاح عن طريق “كوفاكس”، هي السودان وجيبوتي وأفغانستان، مردفا: “هناك دول أخرى في الطريق للحصول على حصتها أيضا، بحيث تتم تغطية 3 بالمئة من السكان في جميع الدول بحصة من اللقاح بحلول مايو من هذا العام”.
كما نجحت بعض الدول- مثل المغرب- في تحقيق المستهدف، وتجاوزت دول أخرى النسب المقررة في هذه المرحلة، سعيا لتطعيم غالبية سكانها. ولا شك أن هذه المساعي ستعزز من مقدرة دول الإقليم في مكافحة هذه الجائحة.
ويستطرد: “هناك نسب تطعيم مرتفعة في معظم دول الخليج العربي. ولا يمكن تحديد الدول الأقل استجابة نظرا لعدم توافر اللقاح لكل الدول في الوقت نفسه”.
وقدّر أنه من المتوقع حصول سائر الدول في إقليمنا على ما بين 46 و56 مليون جرعة من لقاح “أسترازينيكا/أكسفورد” من مرفق كوفاكس خلال النصف الأول من هذا العام.
ولم يفت المنظري مناشدة الجميع من أجل التعاون والتعاضد لضمان حصول جميع دول الإقليم على كميات كافية من اللقاح، تساعد على تحقيق الهدف، وهو تغطية 20 بالمئة من سكان دول الإقليم بحلول نهاية هذا العام، وبالتالي حماية سكان الإقليم.
وفي هذا الصدد، كشف المسؤول عن إعطاء أكثر من 14 مليونا و240 ألف جرعة لقاح في إقليم شرق المتوسط، أغلبهم في البلدان مرتفعة الدخل.
ومع ذلك، شدد على أن اللقاح “ليس حلا سحريا”، ولن يحقق النتائج المأمولة “إلا بمواصلة تطبيق كافة التدابير الوقائية”.
ولدى سؤاله عن إحجام مواطني بعض دول الإقليم عن تلقي لقاح كورونا، أجاب المنظري: “عدم توفر اللقاح بكميات مناسبة يحد من فرص الدول منخفضة الدخل في تطعيم الفئات المستهدفة، ويخل بالتوزيع العادل للقاح”.
ومضى قائلا: “نرى إحجاما أيضا من المواطنين في بعض الدول عن تلقي اللقاح بسبب ما يسمى بـ(التردد في تلقي اللقاح)”، وهو ما عزاه إلى تأثر الناس بالمعلومات المغلوطة والمضللة التي تشكك في مأمونية اللقاحات.
وأوصى المسؤول الدولي البلدان بتكثيف حملات التوعية، وباستخدام مختلف الطرق لطمأنة الناس بشأن أهمية اللقاح وأمانه، داعيا المواطنين إلى تجنب المعلومات المغلوطة.
وأضاف: “نطمئنهم أن كل لقاح يحصل على موافقة المنظمة على الاستخدام لحالات الطوارئ، هو لقاح آمن ثبت أنه مر بكافة مراحل الاختبار وطبقت عليه كافة المعايير العلمية”.
الآثار الجانبية للقاحات
وفيما يتعلق بالأعراض الجانبية للقاحات، التي تظهر بعد التطعيم، أكد المنظري أنها “بسيطة حتى الآن، طبقا لما هو متاح من معلومات حول اللقاحات”.
وأوضح أن ثمة بعض الأعراض الجانبية البسيطة التي تم تسجيلها في 8 من بلدان إقليم شرق المتوسط حتى الآن، تتمثل في الصداع والإرهاق والغثيان وما إلى ذلك من أعراض لا تتسم بالخطورة.
وفي هذا الصدد، دعا المنظري جميع الدول إلى مواصلة تطبيق إجراءات الصحة العامة، كما يتعين على كل فرد أن يواصل الالتزام الجاد بتطبيق كافة التدابير الوقائية التي توصي بها المنظمات الصحية في كل دولة، والالتزام أيضا بكافة الإجراءات التي تتخذها السلطات الرسمية.
تحسن نسبي
وترصد منظمة الصحة العالمية “بعض التحسن”، بشأن الوضع الوبائي الحالي بإقليم شرق المتوسط. وأوضح المنظري: “نلاحظ بعض التحسن في وضع الجائحة في الإقليم، بعد أن شهد في الأسابيع الماضية انخفاضا في عدد حالات الإصابة، مع انخفاض نسبي في عدد الوفيات ببعض الدول”.
ونبّه المسؤول الدولي إلى أن ذلك “تزامن مع ارتفاع عدد الحالات في بلدان أخرى من الإقليم، مما يرجع إلى التوسع في الاختبارات، ومن ثم اكتشاف المزيد من الحالات”.