نشر الدكتور زاهى حواس، وزير الأثار الأسبق، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، بحثا علميا نشرته مجلة Frontiers in Medicine قام به بالتعاون مع الدكتورة سحر سليم، أستاذة الأشعة بكلية الطب بجامعة القاهرة، يتعلق بموت الفرعون المصرى سقنن رع.
وتقول الدراسة ساعدت التكنولوجيا الطبية الحديثة فى سرد قصة ملك فى مصر القديمة مات فى سبيل إعادة توحيد مصر فى القرن السادس عشر قبل الميلاد، وذلك فى البحث الذى نشر اليوم 17 فبراير فى مجلة Frontiers in Medicine.
ويدور حول فحص مومياء الملك سقنن رع – تاعا الثانى بالأشعة المقطعية، والتى أجراها دكتور زاهى حواس عالم الآثار والدكتورة سحر سليم أستاذة الأشعة بكلية الطب بجامعة القاهرة.
حكم الفرعون سقنن رع تاعا الثانى الملقب بالشجاع، جنوب مصر خلال احتلال البلاد من قبل الهكسوس، الذين استولوا على الدلتا فى شمال مصر لمدة قرن من الزمان (1650-1550 قبل الميلاد)، وتم اكتشاف مومياء سقنن رع فى خبيئة الدير البحرى عام 1881، وتم فحصها لأول مرة حينها، وكذلك تمت دراسة المومياء بالأشعة السينية في ستينيات القرن الماضى، وأشارت هذه الفحوصات إلى أن الملك المتوفى عانى من عدة إصابات خطيرة فى الرأس، لكن لا يوجد جراح فى باقى الجسد، وقد اختلفت النظريات فى سبب وفاة الملك فرجح البعض أن الملك قتل فى معركة ربما على يد ملك الهكسوس نفسه، وأشار آخرون إلى أن سقنن رع تاعا الثانى ربما قُتل بمؤامرة أثناء نومه في قصره، ورجح آخرون أن التحنيط ربما تم على عجل بعيدًا عن ورشة التحنيط الملكية، وذلك لسوء حالة المومياء.
وتقنية الأشعة المقطعية هى إحدى تقنيات التصوير الطبى تستخدم لدراسة البقايا الأثرية بما فى ذلك المومياوات بشكل آمن ودون تدخل، ما يساعد على المحافظة عليها، وساعدت الأشعة المقطعية فى دراسة العديد من المومياوات الملكية المصرية وتحديد العمر عند الوفاة والجنس وكذلك كيفية الوفاة.
وفى بحثهما قدم الباحثان المصريان زاهى حواس وسحر سليم تفسيرًا جديدًا للأحداث قبل وبعد وفاة الملك سقنن رع استنادًا إلى صور الأشعة المقطعية ثنائية وثلاثية الأبعاد والتى تم تركيبها بواسطة تقنيات الكمبيوتر المتطورة، فيظهر تشوه الذراعين أنه يبدو أنه بالفعل تم أسر سقنن رع – تاعا الثانى فى ساحة المعركة، و قيدت يديه خلف ظهره، مما منعه من صد الهجوم الشرس عن وجهه.
وقالت الدكتورة سحر سليم، أستاذة الأشعة في جامعة القاهرة والمتخصصة فى علم الأشعة القديمة، “هذا يشير إلى أن سقنن رع كان حقاً على خط المواجهة مع جنوده يخاطر بحياته مع جنوده لتحرير مصر”.
ولقد كشف التصوير المقطعى لمومياء سقنن رع تاعا الثانى عن تفاصيل دقيقة لإصابات الرأس، بما في ذلك جروح لم يتم اكتشافها في الفحوصات السابقة حيث أخفاها المحنطون بمهارة.
واشتمل البحث دراسة أسلحة مختلفة للهكسوس محفوظة بالمتحف المصرى بالقاهرة وشملت فأسا وحربة وعدة خناجر، وأكد سحر سليم وزاهى حواس تطابق هذه الأسلحة مع جروح سقنن رع، فتشير النتائج إلى أنه قتل من قبل مهاجمين متعددين من الهكسوس أجهزوا عليه من زوايا مختلفة وبأسلحة مختلفة فكان قتل سقنن رع على الأحرى إعدام احتفالى.
كما حددت دراسة التصوير المقطعى أن سقنن رع كان يبلغ من العمر قرابة الأربعين عامًا عند وفاته، بناءً على شكل العظام (مثل مفصل ارتفاق العانة) والذى تم الكشف عنه فى الصور، ما يوفر التقدير الأكثر دقة حتى الآن.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة التصوير المقطعى المحوسب عن تفاصيل مهمة حول تحنيط جسد سقنن رع تاعا الثانى، على سبيل المثال، استخدم المحنطون طريقة متطورة لإخفاء جروح رأس الملك تحت طبقة من مادة التحنيط التي تعمل بشكل مشابه للحشوات المستخدمة في الجراحة التجميلية الحديثة. وهذا يعني أن التحنيط تم في ورشة تحنيط بالفعل وليس في مكان غير معد، كما تم تفسيره سابقًا.
وتوفر هذه الدراسة تفاصيل جديدة مهمة حول نقطة محورية في تاريخ مصر الطويل. فوفاة سقنن رع تاع الثاني حفزت خلفاءه على مواصلة الكفاح لتوحيد مصر وبدء المملكة الجديدة فواصل أبناء سقنن رع تاع الثاني القتال المقدس ضد الهكسوس.
وفي لوحة معروفة باسم لوحة كارنافارون، وجدت في معبد طيبة بالكرنك، سجلت المعارك التي خاضها كاموس، نجل سقنن رع تاعا الثانى، ضد الهكسوس، سقط كاموس شهيدًا أثناء الحرب ضد الهكسوس وكان أحمس، الابن الثانى لسقنن رع تاع الثانى، هو الذي أكمل طرد الهكسوس ، فحاربهم و انتصر عليهم وطاردهم حتى شروهن (غزة حاليًا في فلسطين) ووحد مصر.