فرط الحركة والانتباه اضطراب نفسي مسؤول عنه چين وراثي قد يتشابه مع طيف التوحد، يوجد في 16% من أسر الدرجة الأولى تظهر ملامحه خلال الأشهر الأولى من الولادة، وعلاجه الأساسي هو الأدوية وليس جلسات زيادة الانتباه. فرط الحركة أصحابه في منتهى الذكاء ولديهم نبوغ مثل السباح العالمي مايكل فيلبس الذي كان يكسر الأرقام القياسية، والممثل العالمي ويل سميث وبيل چيتس، ومخترعين مثل جراهام بيل وإسحاق نيوتن وغيرهما كانوا مصابين بقلة الانتباه… في التحقيق التالي نوضح الكثير عن مشكلات المصابين بفرط الحركة وقلة الانتباه سواء في الأطفال أو البالغين وطرق التعامل معهم.
يوضح د. محمد محمود حمودة مدرس واستشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر والمتخصص في طب الأطفال والمراهقين أن فرط الحركة والانتباه هو اضطراب عصبي نفسي أساسه چيني موجود في 16% من أقارب الدرجة الأولى، فنجد لديهم هذا الاضطراب الناتج عن نقص في الناقل العصبي الدوبامين وهو القشر ة الجبرية بالمخ، وعندما يحدث فيه خلل بالنقص أو بالزيادة يحدث نقص انتباه وحركة.
وأشار حمودة إلى أن هذا الاضطراب يحدث في ثلاثة أشياء، إما أن يكون نقصا في الانتباه أو في الحركة واندفاعية في التصرفات.
وأكد أن ملامح هذا المرض تظهر خلال الأشهر الأولى من الولادة، ولكن لكي نعطي الأدوية ونشخص الحالة نتأخر قليلًا، وهناك بعض الأدوية تؤخذ بعد السنة الثانية من الولادة، والبعض الآخر بعد السنة السادسة، وبعض الأدوية يمكن أن تؤخذ في السنة الأولى، وعلاجه أساسا دوائي.
وأشار إلى أنه من الأخطاء الشائعة خصوصا بعد عرض مسلسل «خلي بالك من زيزي»، إعطاء الجلسات السلوكية أو التي تساعد على الانتباه، لأن هذا الاضطراب خلل كيميائي بالجسم، والجلسات لا تُصلح خللًا كيميائيًّا مثل مرض السكر تمامًا لا يمكن إصلاحه عن طريق الجلسات، وإنما بالدواء لأنه وراثي مسئول عنه الجهاز المناعي.
فتمارين الانتباه تحسن جزءًا بسيطًا من الأعراض، وفي الطب النفسي العلاج الدوائي هو الأهم في العالم.
وذكر أن 16% من طلاب المدارس لديهم هذا الاضطراب وهي نسبة كبيرة، وله مضاعفات مثل اضطراب السلوك وأبرز ملامحه الكذب والسرقة، وأن يتعامل بسلوك مشين مع الأصدقاء، فضلا عن العنف وإيذاء الحيوانات، وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة وجب علينا إعطاء هذا الطفل علاج جلسات السلوك لأنها ستكون مفيدة له.
وقال: في الماضي كانت الأسرة تطلق على الابن أو تعتقد أنه طفل شقي أو ليس له في الدراسة، لأنهم لم يكونوا يعرفون المرض لدرجة أن كتب الطب قالت عن هذا الطفل: أنه يعمل بـ (موتور). وبين أن علاج فرط الحركة والانتباه دوائي بالدرجة الأولى، وهناك نوعان من الأدوية المنشطة لا يصرفان إلا بروشتة مختومة من صيدلية الإسعاف، حتى إذا كتبها الطبيب المختص لا تصرف إلا من هذه الصيدلية فقط، والنوع الثاني من الأدوية غير المنشطة وهي موجودة وتُصرَف بصورة طبيعية من الصيدليات، مشيرًا إلى أن جدول العلاج لهذا المرض في مصر يختلف عن بقية الدول في العالم حيث يبدؤون العلاج بالمنشطات أولا ثم الأدوية، بينما في مصر نبدأ بصرف الأدوية ثم المنشطات تأتي بالمرحلة التالية.
وأوضح أن الأبناء يتحسنون مع العلاجات في سن المراهقة، و20% يتحسنون بعد عام من العلاج، و60% منهم يُعالَجون في سن البلوغ والمراهقة، حتى وإن لم يعالجوا، بينما العشرين في المئة الآخرون يستكملون العلاج.
وأشار إلى أن علاج الانتباه وفرط الحركة في البالغين قد يتحسن لديهم فرط الحركة لكن يقل نقص الانتباه كلما تقدم العمر.
كما أكد أن العلاج السلوكي لاضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة علاج مساعد وليس الأساس إلا في حالة أن يكون الاضطراب مصاحبا باضطراب سلوكي، ففي تلك الحالة يكون العلاج السلوكي في غاية الأهمية.
فلابد من أن تتعامل الأسرة بفهم، ولابد من عرض الحالة على الطبيب النفسي، ولابد من أن يعرف الأبوان أن هذا الطفل سيكون متأخرا قليلًا في دراسته وفي أدائه السلوكي وأنشطته الرياضية، ولديه مشكلات مع الأصدقاء، لكن مع العلاج كل شيء يتحسن، وقد يحدث تأخر في الكلام، وقد يخلط بينه وبين مرض التوحد، فهذا الاضطراب من الممكن أن يكون مصاحبًا لاضطرابات أخرى مثل طيف التوحد بنسبة 75% واضطراب السلوك واضطراب العناد، وقد يستمر في البالغين ولا يتوقف عند مرحلة الطفولة، وإن كان يزداد نقص الانتباه ويقل فرط الحركة مع التقدم في العمر.
ويرى د. حمودة أن هذا المرض له مضاعفات إذا استمر في الكبر، فقد تتكون شخصية الطفل بعد 18 عاما إلى شخصية حادة أو مضادة للمجتمع، وقد يتجه المراهق إلى تعاطي المخدرات لتقليل حده الأعراض كنوع من العلاج الذاتي للاضطراب.
كما أفاد أن الألوان الصناعية والمواد الحافظة والسكريات لم يثبت تأثيرها في حدوث الاضطراب، لذا فهي إلى الآن بريئة من فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال.
ومن الشائعات الخاطئة عن الاضطراب ونقص الحركة أن كهرباء المخ ليس لها علاقة باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، ورسم المخ لا قيمة له حتى إذا ظهر في رسم المخ تغيرات كهربية فلا قيمة له طالما أن الطفل لا يعاني من تشنجات صرعية كبرى أو نوبات صرعية صغرى، إنما كلها محاولات بحثية لمعرفة علاقة رسم المخ باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة وليس لها إلى الآن نتيجة ملموسة.
ويحذر د. محمد حمودة أيضا من العلاج بمضادات التشنجات لنقص الانتباه وفرط الحركة، مؤكدًا أنه خطأ ما لم يكن المرض مصحوبًا بأعراض أخرى لزيادة كهرباء المخ مثل التشنجات الكبرى أو الصغرى. وأن الأدوية المستخدمة في علاج نقص الانتباه وفرط الحركة عند الأطفال ليست مهدئات ولا تؤثر سلبًا على الطفل، بالعكس هي مفيدة ولها تأثير إيجابي، حتى إن كان هناك بعض الأعراض الجانبية مثل نقص الشهية أو زيادتها.
بينما قال الدكتور مصطفى شحاتة استشاري الطب النفسي بجامعة جايز بلندن: إن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يسبب خللًا في النمو العصبي تظهر أعراضه في ثلاثة أشكال هي انعدام التركيز، والحركة المفرطة والاندفاع، أو مزيج منهما.
ويجد المصاب بفرط الحركة صعوبة في ضبط انفعالاته المندفعة وفي الجلوس ساكنًا بمكان ما، فضلًا عن سرعة التململ والميل إلى الثرثرة ومقاطعة أحاديث الآخرين، لا سيما في حالة الإناث. أما المصاب بتشتت الانتباه فيكون عرضة أكثر من الآخرين لنسيان الأشياء، وصعوبة ترتيب الأفكار، وعادة ما يكون التوتر والاكتئاب واضطراب التناسق الحركي من الاضطرابات المصاحبة لفرط الحركة وتشتت الانتباه. وأضاف قائلًا: يفقد التلميذ المصاب بهذا الاضطراب رغمًا عنه درجات في اختبارات الذكاء أو اختبارات التقييم المدرسية، لا سيما إذا لم تكن جهة التقييم تنتهج طريقة خاصة حياله، وأكد أنه لا توجد إحصاءات في الدول النامية عن أعداد الإصابات باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، لعدم وجود نظُم تقييم نفسية حصرية للأطفال في تلك البلدان.
وأوضح أن استطلاعا للرأي أجري عام 2016 أشار إلى إصابة 63 مليون شخص حول العالم باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
وأكد د. مصطفى شحاتة أن هناك عوامل چينية يمكن أن تورث هذا الاضطراب، كما أن للعوامل البيئية المحيطة دورًا فاعلا في استفحال الإصابة أو الحدّ منها، وقد يتعرض الطفل لمواقف عُنف في البيت أو تنمّر في المدرسة، أو يشاهدها، فتجعله يسلك سلوكًا عنيفا بدوره. ويؤكد أهمية ثقافة التغذية السائدة في البيئة المحيطة، مشيرًا إلى أن اعتياد الوجبات السريعة وتناول السكريات بنسبة عالية تجعل الطفل أكثر حركة، وهنا تبرز أهمية ممارسة الرياضة.ويتطلب تشخيص فرط الحركة وتشتت الانتباه، مراجعة تاريخ المصاب والاستفسار من المقربين منه عن ملاحظاتهم حول سلوكياته، وإجراء اختبارات لتقييم الأعراض. ويجري تشخيص الاضطراب في سن الطفولة عادة، وأغلب المصابين به لا يتجاوزونه في سن البلوغ، كما يؤدي عدم تشخيصه في سن الطفولة إلى حدوث مشكلات أكثر مع البلوغ. وحول الصعوبات التي تكتنف علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، يرى أن العلاج يبدأ أولا بالتشخيص السليم، مشيرًا إلى أن هناك 18 عرَضًا مميزًا يجب أن تظهر منها ستة أعراض على الشخص الواحد في بيئتين مختلفتين، مثل البيت والمدرسة أو النادي.
ويمتاز مصاب اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في الغالب بشدة الحساسية والانتقائية والذكاء، وهنا تكمن صعوبة علاجه، والذي يتمثل بحسب في انتهاج الأسلوب الأمثل للتعامل مع المصاب ويحذر من مغبة اللجوء إلى العقاب، مؤكدًا حاجة هؤلاء إلى الاهتمام والبحث بجدية عما يجذب انتباههم. ويحتاج كل مصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه إلى خطة علاج سلوكية فردية خاصة به، دون وجود خطط جماعية بديلة، هذا فضلا عن ضرورة التنسيق بين كل أطراف البيئة العلاجية. وقبل كل ذلك، يرى أن البحث عن السبب الحقيقي، ومحاولة إزالته هو أفضل سبل العلاج.