تواجه فرنسا السبت خطر الشلل الاجتماعي بسبب حركة شعبية احتجاجية غير مسبوقة انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي في مطلع تشرين الأول/أكتوبر على خلفية ارتفاع أسعار الوقود. وتوعدت هذه الحركة، التي تسمى “السترات الصفراء”، بإغلاق الطرقات والمطارات ومحطات الوقود في العاصمة باريس وضواحيها ما سيشل العاصمة التي تشكل أهم النقاط الحيوية والإستراتيجية في البلاد، بهدف دفع الحكومة إلى مراجعة سياستها الاجتماعية.
تستعد فرنسا السبت لمواجهة يوم احتجاجي شعبي واسع يثير قلق السلطات الفرنسية، دعت إليه حركة عفوية خالية من أي توجه سياسي أو نقابي معلن، أطلقت على نفسها اسم “السترات الصفراء”، ويقضي بإغلاق كل النقاط الحيوية والإستراتيجية في البلاد، من الطرقات إلى محطات الوقود مرورا بالمواصلات.
السبب الرئيسي وراء هذا اليوم الاحتجاجي الصاخب هو رفع أسعار الوقود الذي قررته الحكومة الفرنسية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميا بحسبها.
ولكن المشاركين والداعمين لهذه الحركة التي ظهرت ثم انتشرت بسرعة البرق على شبكات التواصل الاجتماعي قالوا إن الفرنسيين خاضعون منذ تولي الرئيس إيمانويل ماكرون السلطة في 14 أيار/مايو 2017 لسياسة ضريبية أنهكت الطبقات المعوزة منهم وحتى المتوسطة.
وقد أدت السياسة الاجتماعية لحكومة إدوار فيليب إلى تراجع كبير في القدرة الشرائية للمواطن، على حد قول القائمين على هذه الدعوة الاحتجاجية، مشددين على أن ارتفاع أسعار الوقود ما هو سوى القطرة التي أفاضت الكأس. وبالتالي فهم يؤكدون أن حركتهم ستكون ردة فعل قاسية على ماكرون، الذي ظل يردد طيلة 18 شهرا منذ وصوله للحكم أنه عازم على “إصلاح فرنسا”، متعهدا بإنجاز ما عجز أو فشل أسلافه في القيام به في شتى المجالات.
وتتميز حركة “السترات الصفراء” عن غيرها من الحركات الاجتماعية التي شهدتها فرنسا، سواء في عهد ماكرون أو قبله، بأنها تفتقد لأي زعيم أو هيكل رسمي أو خلفية حزبية، بل تسيرها طاقات بشرية متنوعة منفصلة عن بعضها على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي حركة “افتراضية” بامتياز، وهو ما يزيد من خطورتها بالنسبة إلى السلطات الفرنسية. فكيف العمل في حال انفلات أمني؟ ومن المسؤول؟
بحسب ما ذكرت إذاعة “إر تي إل” الجمعة على موقعها الإلكتروني، فإن الاستخبارات الفرنسية تمكنت من تحديد هوية الأشخاص الذين دعوا أول مرة إلى إغلاق الطرقات، وذلك في 10 تشرين الأول/أكتوبر، وهم خمسة رجال وثلاث نساء كلهم من المنطقة الباريسية وتتراوح أعمارهم بين 27 و35 عاما.