الخبر نيوز | شبكة إخبارية مستقلة

لا يجوز التعامل فى تركة إنسان على قيد الحياة ولو برضاه

أزمة التعامل في التركة المستقبلية من الموضوعات الهامة والمستحدثة، ليس ذلك فقط بل يعتبر التعامل فى التركة عموماَ من أشهر أنواع التعاملات التى يتحتم على كل إنسان أن يتعامل بها سواء أكان بصفته وارثاَ ابتداء أم مورثاَ انتهاء.

ولعل التعامل فى التركة المستقبلية، وإن كان من حيث الأصل محظور وفق التشريعات المصرية والعربية، إلا أن المشرع المصرى له مخرج عن هذا الأصل في القانون المدني الحالى، وأجاز بعض الاستثناءات التي يمكن التعامل في التركة بعد وفاة مورثها، أو باعتبارها تركة مستقبلة يجرى التعامل بها حال حياته.

  هذا النوع من التصرفات للعديد من الإشكالات التى يكون من شأنها إما أن تجعله تصرفاَ صحيحاَ، أو باطلاَ بطلاناَ مطلقاَ لمخالفته للنظام العام والآداب، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يجوز التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة؟ – بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد الصادق.

التركة المستقبلة : نصت الفقرة الثانية من المادة 131 من القانون الجديد على ما يأتى : “غير أن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل ولو كان برضاه، إلا في الأحوال التي نص عليها في القانون”، وهذه القاعدة ترجع في أصلها الأول إلى القانون الرومانيين فقد كان هذا القانون يعد التعامل في التركات المستقبلة مخالفاً للآداب لأن من يتعامل في تركة شخص لا يزال حياً إنما يضارب على موته، ويعده كذلك مخالفاً للنظام العام إذ هو خليق أن يغري ذا المصلحة بالتعجيل بموت المورث.

 فالرومان عندما حرموا التعامل في التركة المستقبلة، كانوا ينظرون إلى مصلحة المورث، لذلك كانوا يبيحونه إذا اشترك هذا في العقد، أما القوانين الحديثة فتحرم هذا التعامل لا لمصلحة المورث وحده، بل لمصلحته ولمصلحة الوارث معاً، فإن الوارث التي يتعامل في تركة مستقبلة يغلب أن يكون نزفاً لا يقف عند تبديد ما يصل إلى يده من المال في الحال، بل يبدد كذلك ما يحتمل أن يملكه في المستقبل .

فتحريم هذا التعامل تقرر حماية له من نزقه، لذلك كان التحريم مطلقاً، لا يرتفع حتى لو رضي المورث خلافاً للقانون الروماني، وجزاء التحريم إذن هو البطلان المطلق بما يستتبعه هذا البطلان من نتائج قانونية، وكل ضرب من التعامل في تركة مستقبلة باطل، أياً كان الطرفان، وآيا كان نوع التعامل، وقد كان هذا هو الحكم أيضاً في القانون المدني القديم، ولم يستحدث القانون الجديد شيئاً في هذا الصدد .

ونعرض الآن لتحديد ما هو المقصود بالتركة المستقبلة، ومن يكون طرفاً في التعامل فيها، وضروب التعامل التي ترد عليها، فالتركة هي مجموع ما للإنسان من حقوق وما عليه من ديون وقت موته، فإذا كان الإنسان على قيد الحياة فهذا المجموع من الحقوق والديون منظوراً إليه وقت الموت هو تركته المستقبلة .

والتعامل المحرم هو الذى يقع على تركة مستقبلة في مجموعها أو في جزء من هذا المجموع أو في مال معين ينظر فيه إلى أنه يدخل ضمن أموال التركة، ويستوي أن تأتي التركة من طريق الميراث أو من طريق الوصية، فكما لا يجوز للوارث أن يتعامل في نصيبه في تركة مستقبلة كذلك لا يجوز للموصى له أن يتعامل فيما أوصى له به مستقبلاً.

أما الطرف الذي يقع منه التعامل في التركة المستقبلة فقد يكون هو الوارث يبيع لأجنبي نصيبه في التركة المستقبلة، وقد يقع التعامل بين وارث ووارث آخر يتفقان على قسمة ما سيقع في نصيب كل منهما من الميراث، أو أن يبيع أحدهما نصيبه من الآخر، وقد يكون التعامل بين المورث نفسه ووارث أو أجنبي، كأن يتفق المورث مع الوارث على إعطائه نصيباً من التركة اكبر أو أقل من نصيبه القانونين، أو يتفق مع أجنبي على إعطائه نصيباً من التركة يأخذه بعد موته، إذ أن المورث لا يستطيع أن يفعل هذا أو ذاك إلا عن طريق الوصية وهي تختلف عن هذا الضرب من التعامل في إنها يجوز الرجوع فيها حتى موت الموصى وفي إنها لا تجوز إلا في حدود معينة .

والحكمة في تحريم التعامل على الموارث نفسه، ترجع إلى أن أحكام الميراث والوصية من النظام العام، فإذا أبحنا للمورث التعامل في تركته المستقبلة استطاع أن يحيد عن هذه الأحكام، وكل ضرب من ضروب التعامل في التركة المستقبلة محرم كما قدمنا.

 فلا يجوز للوارث، أن يبيع ميراثه المستقبل، أو يهبه، أو يقسمه، أو يقايض به، أو يقدمه نصيباً في شركة، أو يصالح عليه ، أو ينزل عنه بإرادته المنفردة، بل هو لا يستطيع أن يؤجره، أو أن يجري عليه أي نوع من أنواع التعامل إلا ما أجازه القانون بنص صريح، وذلك كالوصية “م 915 جديد”، وقسمه المورث “م 908 – 913 جديد”.

اترك تعليقاً