فى ظل انتشار الأمراض والأوبئة، لابد من تناول أغذية صحية تحمى الجسم من هذه الأمراض، وتعزز من مناعة الجسم، لذلك من الضرورى استخدام القرنفل فى النظام اليومى، للمحافظة على صحة جيدة ومقاومة عالية ضد الميكروبات المسببة لهذه الأوبئة والأمراض، واستخدامه فى النظام الغذائى.
ويشير الدكتور عفت مهدى رئيس قسم بحوث تكنولوجيا الحاصلات البستانية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، إلى أن استخدام القرنفل يومياً بالفم بديلاً للطوفى والكرملة، يعمل على تطهير وتنظيف الفم وإزالة الروائح الكريهة من الفم، والقضاء على البكتيريا والفطريات والفيروسات التى تدخل إلى الجسم عن طريق الفم، ومعالجة نزلات البرد والسعال والأنفلونزا والجيوب الأنفية وتعزيز جهاز المناعة، كما أن تناول القرنفل يزيل مشاكل مثل عسر الهضم والصداع وضبط مستوى السكر فى الدم، وتقليل الكولسترول وتحسين وظائف الكبد وزيادة قوة العظام.
القرنفل
ويقول الدكتور عفت مهدى: شجرة القرنفل العطرية وهى شجرة مستديمة الخضرة، والتى يصل طولها إلى 20 متراً، وتحتوى على عناقيد من الأزهار ذات اللون الأحمر الموجودة على نهايات الأغصان، وأوراقها كبيرة الحجم، بينما تتميّز ثمارها الممتلئة بشكلها المستطيل ولونها الأحمر، وهى تحتوى على بذرة أو بذرتين، أما براعم القرنفل الزهرية فإنها تجفف وتستخدم كنوع من التوابل فى تحضير العديد من الأطعمة، سواءً بشكلها الكامل أو بعد طحنها، وتلعب دوراً رئيسياً فى الحفاظ على جسم صحى وخالٍ من الأمراض، فهو يحتوى على خصائص مضادة للأكسدة، ومضادة للبكتيريا والفطريات، ومضادة للفيروسات، وله خصائص مطهرة ومسكنة.
ويوضح أن أهم المركبات الفعالة بالقرنفل هى:
الأوجينول Eugenol وهو المركب الرئيسى النشط حيوياً فى القرنفل، وهو المسئول عن النشاط المضاد للميكروبات، مما يجعل القرنفل من المواد الحافظة للطعام.
الأسيتيل أوجينول Acetyl eugenol.
المركبات الفينولية مثل حامض الجاليك Gallic acid إضافةً إلى التانينات Tannin والفانيلين Vanillin و الفلافونويدات بـ Flavonol glucosides.
تخفيف الألم
ويشدد على أن القرنفل يعد من الأعشاب التى تدعم صحة الجهاز المناعى وتخفيف الألم.
كما أنه يحتوى على نسبة جيدة من فيتامين ج الذى يساعد على مقاومة العدوى التى تهاجم الجسم ويضيف أن من ضمن الفوائد الصحية للقرنفل:
– التقليل من مخاطر الإصابة بالسرطان، فقد أظهرت بعض الدراسات أن القرنفل يمنع نمو الأورام السرطانية ويسبب موتها، حيث تعزى الخصائص المضادة للسرطان فى القرنفل إلى مركب الأوجينول .
يعد (القرنفل أو زيت القرنفل) مضاداً فعالاً لنمو الميكروبات المرضية والمسببة للتسمم الغذائى بسبب احتوائه على مركب الأوجينول الذى له تأثير مضاد للبكتيريا السالبة لجرام مثل Pseudomonas aeruginosa و Salmonella و E.coli ، وكذلك البكتيريا الموجبة لصبغة جرام مثل البكتيريا العقدية والكروية والعنقودية وStreptococci وBacillus و Staphylococci كذلك وجد أن القرنفل أو زيت القرنفل يمنع نمو بكتيريا الليستريا وهى بكتيريا شائعة معروفة بأنها تسبب الأمراض التى تنتقل عن طريق الطعام، مما يشير إلى أن القرنفل أو زيت القرنفل قد يكون مفيداً فى الحماية ضد التسمم الغذائى.
– القرنفل عامل قوى مضاد للالتهابات، وذلك لاحتوائه على الأوجينول الذى يعمل كمضاد لالتهاب الفم والحلق وإزالة الروائح الكريهة من الفم وتسكين آلام الأسنان ومعالجة اللثة، كما أنه يقلل السيتوكينات المسببة للالتهابات، وبالتالى يساعد فى علاج التهابات المفاصل.
– زيت القرنفل علاج فعال لحب الشباب عن طريق تقليل الاستجابات الالتهابية المرتبطة ببكتيريا P. acnes.
– يقلل من قرحة المعدة: حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن المركبات الموجودة فى القرنفل تساعد فى علاج قرحة المعدة، وتعرف قرحة المعدة أيضاً باسم القرحة الهضمية، وهى عبارة تقرحات مؤلمة تتكون فى بطانة المعدة أو الإثنى عشر أو المرىء، ويكون سببها الانخفاض فى البطانة الواقية للمعدة، والتى ترجع إلى عوامل مثل الإجهاد والعدوى، حيث أظهرت الدراسات أن الزيت العطرى من القرنفل يزيد من إنتاج مخاط المعدة، حيث يعمل هذا المخاط كحاجز ويساعد على منع تآكل بطانة المعدة من الأحماض الهضمية.
– يساعد فى عملية الهضم: إذ أن تناول القرنفل يعمل على زيادة إفراز الإنزيمات الهاضمة وتسهيل عملية الهضم، ويزيل مشاكل المعدة مثل الإسهال والانتفاخ والغثيان والقىء وعسر الهضم والغازات المعوية وآلام المعدة والإمساك.
– يخفض نسبة السكر فى الدم لاحتوائه على مركب يسمى النيجريسين Nigericin الذى يعمل على زيادة امتصاص السكر من الدم إلى الخلايا وزيادة إفراز الأنسولين وتحسين وظيفة الخلايا التى تنتج الأنسولين، وهذا يعنى أن القرنفل قد يبقى مستويات السكر فى الدم تحت السيطرة عند تناوله كجزء من نظام غذائى متوازن.
– تعزيز الجهاز المناعى: فالقرنفل له خصائص مضادة للميكروبات، وبالتالى حماية الجسم من الأمراض التى تسببها الميكروبات المرضية، كما يعمل على زيادة عدد خلايا الدم البيضاء فى الجسم، وبالتالى يزيد من مقاومة الجسم للأمراض مما يؤدى إلى وقف نمو الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض، وبالتالى المحافظة على صحة الفم ومنع نمو الميكروبات المسببة لأمراض اللثة والتهابات الحلق.
– المحتوى العالى من مضادات الأكسدة فى القرنفل قد تحمى خلايا الجسم وخاصة الكبد من تأثيرات الشقوق الحرة، وتناول القرنفل يحسن من مؤشرات الالتهاب ومستويات الدهون فى الدم والكبد والإجهاد التأكسدى ووظائف الكبد، إضافةً إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من مضاعفات مرض الكبد.
– الوقاية من هشاشة العظام لاحتوائه على مركبات نشطة مثل: الأوجينول ومشتقاته والفلافونات والايسوفلافون والفلافونويدات وهذه المركبات مفيدة بشكل خاص فى الحفاظ على كثافة العظام ومحتوى المعادن وكذلك زيادة قوة العظام.
– تقليل الشعور بالجوع: فهو يساعد على كبح الشهية وتقليل الشعور بالجوع، وذلك لاحتوائه على نسبة كبيرة من الألياف، حيث إن ملعقة صغيرة من القرنفل توفر ما يقارب جراماً من الألياف، بالتالى فإن تناول القرنفل على الريق وبين الوجبات يمكن أن يقلل من الشهية ويساعد فى فقدان الوزن الزائد، كما أن تقليل الشعور بالجوع قد يكون أحد فوائد مضغ القرنفل على الريق، فهناك العديد من الأشخاص مجرد قيامهم بمضغ القرنفل يفقدون الشهية لفترة زمنية جيدة.
استخدامات صناعية
ويشير مهدى: إلى بعض من استخدامات القرنفل الصناعية:
يدخل فى صناعة الأدوية: حيث يستخدم القرنفل على نطاق واسع كمطهر لعلاج مشاكل نظافة الفم ومعالجة نزلات البرد والسعال والأنفلونزا والجيوب الأنفية، كما أنه يعزز جهاز المناعة.
يستخدم كمواد نكهة طبيعية للأغذية وبعض أنواع المربات.
يدخل فى صناعة العطورومعاجين الأسنان.
مخاطر ومحاذير
وفى الختام يقول رئيس قسم بحوث تكنولوجيا الحاصلات البستانية: بعد ذكر فوائد مضغ القرنفل على الريق، يجب التنويه لأضراره، والتى تترافق عادةً مع فئة محددة من الأشخاص الذين يعانون بعض الاضطرابات الصحية.
إذ يجب تجنب تناول القرنفل أو زيت القرنفل من قبل الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النزيف أو قبل إجراء العمليات الجراحية، وكذلك الأشخاص الذين يتناولون أدوية مضادة للتجلط، وذلك لاحتوائه على الأوجينول الذى يبطئ عملية تجلط الدم، ويمكن أن يؤدى إلى زيادة خطر النزيف، كما يجب تجنب نتاول القرنفل أو زيت القرنفل من الأشخاص الذين يعانون من نقص السكر فى الدم، حيث ثبت أن القرنفل يؤدى إلى انخفاض مستويات السكر فى الدم، وكذلك فى حالة حدوث التداخل مع الأدوية المضادة للتخثر، مما يزيد من خطر حدوث النزيف.
هناك فرق
وتوضح الدكتورة عبير حمدى قاسم رئيس قسم النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين، أن هناك فرقاً بين القرنفل الذى يستخدم كتابل وبين أزهار القرنفل التى تستخدم فى تزيين الحدائق أو كأزهار قطف.. فالأخير عبارة عن نباتات ثنائية الحول إسمه العلمى Caryophyllaceae
Dianthus وهو تابع للعائلة القرنفلية.. أما الأول والذى يستخدم كنوع من التوابل فإسمه العلمى
Eugenia caryophyllus وهو تابع للعائلة الأسية، وهو عبارة عن أشجار معمرة موطنها الأصلى جزر أمبويناس ومولوكاس وتزرع فى زنجبار، بيمبا، بينانج، مدغشقر، جزر الكاريبى، سريلانكا، وجنوب الهند.
وهو يحتاج إلى التربة الطينية الغنية العميقة ذات المحتوى العالى من الدُبال لضمان نجاح الزراعة، ولقد وجد أيضاً أنه ينمو بشكل جيد فى التربة الطينية الرملية الخصبة. ويجب تجنب التربة سيئة الصرف لأن جذور أشجار القرنفل حساسة للغاية وتصاب بالأعفان والفطريات بسهولة، ويحتاج إلى مناخ رطب دافئ وأفضل درجة حرارة تتراوح بين 20 – 30 درجةً مئويّةً وينمو جيداً بالقرب من البحر.
وتشير رئيس قسم النباتات الطبية والعطرية، إلى أن التكاثر يتم عن طريق إنبات البذور، وتزرع البذور من أغسطس إلى أكتوبر، ويجب نقَع الثّمار فى الماء لمدة ليلة لتشجيع إنبات البذور، ويُنزَع غلافها بفركها بالرّمل ثمّ تُزرع فى التّربة فى منطقة محميّة من أشعة الشّمس المباشرة على عمق 2 سم تحت التّربة، وتُزرع فى أحواض الحضانة على مسافة 10 سم، ويستغرق الإنبات من أربعة إلى خمسة أسابيع، شتلات القرنفل نحيلة وحساسة، مع معدل نمو ضعيف، بعد ستة أشهر تتم زراعة تلك الشتلات فى أوانى وتترك لتنمو لمدة عام، وبعد ذلك يتم نقلها إلى الحقل ويتم تظليلها فى المراحل الأولى من النمو.
العائد الاقتصادي
وتوضح أن النباتات تحتاج عادة إلى التسميد الجيد مرتين فى العام، مرة فى مايو أو يونيه، والمرة الثانية فى أكتوبر، وتبدأ النباتات فى الإثمار 7- 8 سنوات من الزراعة، ولكن لا يتم تحقيق عائد اقتصادى مرضٍ إلا بعد مرور 15- 20 سنة من الزراعة، ويتم قطف القرنفل يدوياً أو جمعه عن طريق الضرب بالبامبو، وتبدأ هذه العملية عندما يبدأ القرنفل فى تغيير لونه من الأخضر إلى الوردى قليلاً. وعندما تكون الأشجار طويلة والقرنفل بعيد المنال، يتم استخدام سلالم المنصات للتجميع، ولكن عادة ما يتم ترَك الثمار حتى تنضج على الأشجار وتسقط بطريقة طبيعيّة، ويمكن الاحتفاظ بها لمدة أسبوع واحد فقط قبل زراعتها، على أن تظل رطبةً وإلا ستصبح غير صالحة للزراعة، ويُراعى عدم تخزين البذور فى أكياس بلاستيكيّة حتى لا تتعفّن، وتكون عُرضة لهجوم الفطريّات، ويتم تجفيف القرنفل فى الشمس وتنظيفه من المواد الغريبة وبذور الحشائش، وعند التجفيف، يصبح القرنفل قرمزياً تماماً أو أسود بنى اللون.
سببان للغياب
وتؤكد د. عبير أن سبب اختفاء أشجار القرنفل من خريطة الزراعة المصرية وعدم نجاح زراعته يعود إلى الاحتياجات البيئية غير المتوافرة فى مصر، فهو يحتاج إلى أمطار غزيرة يتراوح معدلها بين 150 – 250 سم سنوياً، كما أنه لا تنجح زراعته إلا فى المناطق التى ترتفع فوق سطح البحر بمقدار 800 – 900 متر، وهو غير متوافر فى مصر، فأعلى منطقة فى مصر وهى حلايب يبلغ معدل ارتفاعها 200 متر فقط.