ومذا بعد نحر الأعناق؟ ماذا بعد أن تصورنا أن أيام وليالي الأعياد ستأتي بلا دموع ولا دماء، ولا عويل على الأحباب، سنوات من الحصار بين التطرف والقتل والتكفير، في كل مكان، ثم استراحة قصيرة، تخللها جرائم نحر أعناق في الأسكندرية تحديداً، ونُسبت لمختلين،وها هي الأيام تعيد ذاتها، لنقف في الطابور ينتظر كل منا دوره في جز الرقاب؟ وإنزال العقاب، بيد أعداء الإنسانية، وكارهي الحياة، ومستخدمي اسم الله من أجل ضلالات لا علاقة لها بالأديان، ولا بخالق الأديان؟ ماذا سيفعل المتطرفون فينا إذا تكلمنا ونطقنا حقاً بانهم ضالون مٌضلون، وهم يذبحون رجال الدين جهاراً نهاراً ويقدمونهم ترضية لأفكارهم المريضة. الضحية هذه المرة هو القمص أرسانيوس وديد كاهن كنيسة السيدة العذراء في منطقة محرم بك، اصطحب مجموعة من اللخدام في نزهة على كورنيش البحر، فوجىء برجل ملتحي يهاجمه طعناً في رقبته، طعنه 3 طعنات، واحدة منها في عنقه ..يعلم.ماذا يفعل وأين موطن القتل، تلك لييت أفعال مختلة وإنما بوعي وقصد. وعندما حاول سائق الأتوبيس إنقاذه؛ توجه إليه الجاني ليطعنه، إلا أنه استطاع الإمساك به، والتحفظ عليه، حتى حضرت الشرطة.وسط ذهول شهود العيان من سكان شارع محمد نجيب، تم نقل الكاهن إلى مستشفى القوات المسلحة بمنطقة مصطفى كامل وسط الإسكندرية، في حالة حرجة، ولفظ أنفاسه الأخيرة عند وصوله. للأسف، إنه القتل على الهوية الدينية الذي ينكره كثيرون غير عالمين ان كل من يتصور أن الإرهاب اختفى بسبب قوة القبضة الأمنية مخطىء، الإرهاب في العقول ، داعش في القلوب، تتحين الفرص، الذئاب المنفردة تجول تبتلع من تجده، فهذه ليست الواقعة الأولى التي تحدث بنفس الطريقة، لكننا لن.نجتر الماضي، فقط نسأل عن الحاضر، ماذا فعل الرجل ليستحق نحر عنقه؟ بماذا سيبرر المبررون؟ بعد أن تشبع الصبر صبراً وانتهت كل الحُجج، واختفى المختلين عقلياً من الساحة، ولن نقبل بظهورهم لسد الفجوة العميقة التي ينكرها البعض بأن الإرهاب ما زال قابعاً في صدور البعض، لأنه ينبغي تغيير العقول أولاً. علينا الاعتراف بأن اولئك الذين ينصبون أنفسهم محامين عن الله ورسله، ويدفعون المتطرفين للقتل بالوكالة، حولوا العالم كله لغابة يسهل فيها افتراس الحملان، غابة الناطق باسمها فوهة السلاح، وفي حضرة السلاح يصيب الخرس المنطق، ويأتي القانون لاحقاً على خسارة البشر. للأٍسف ما زلنا نخشى مواجهة أنفسنا، بأنه بين القواعد مأفونين دينياً، ودواعش، والحرب مع الإرهاب لن تنتهي، وإن كنا نريد وأده علينا مقاومة الإرهاب بالحرية وليس فقط بالمواجهات الأمنية، لابد من طرح الآخر الديني بقوة بعيداً عن غلبة الأغلبية وضعف الأقلية ففي كل مرة ينحر الإرهابي عنق الضحية، ويهتف باسم الله “الله أكبر” ثم يسدد طعناته لرقبة بكل رضا وفرح يظن أنه بذلك ينفذ أوامر الله، هكذا أوهموه إنه يتقرب من الله بأضحية كافرة، هذه فكرة لا يمكن اقتلاعها بسهولة من رؤوس من آمنوا بها، عبر خرائط من رسموا لهم الطريق للجنة مفروشاً بأجساد الضحايا ومُرطباً بدمائها. صوت يتردد صداه ولا مجيب إلا الرصاص وخناجر مسنونة الحد، يتصور المهووسين إنها قد تعيد لهم أمجاد الخلافة. نعم الله اكبر، لكن ليس بقطع الرقاب، الله اكبر بالحرية التي منحها لخلقته، الله اكبر من الذين عاشوا بيننا كاذبين، يتحينون الفرص لسفك الدماء وإغراق الوطن في بحر من الفتن نجت مصر منها كلما حاولوا إغراقها، ولم تنبت في أراضي مصر فتنة طالما عاش الأقباط رمانة الميزان لهذا الوطن