كشفت رسائل مُسرّبة من البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، عن خطط مشبوهة لدعم الفوضى في المنطقة، وتعزيز حركات الإسلام السياسي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، إبّان فترة عملها في إدارة الرئيس باراك أوباما.
جاء الكشف عن الرسائل المُسرّبة من بريد كلينتون الإلكتروني، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا رفع السرية، عن جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيقات الفيدرالية في استخدام هيلاري جهاز خادم خاص لرسائل البريد الإلكتروني الحكومية.
خطط مع “الجزيرة” والإخوان
ووفق ما تضمنه البريد الإلكتروني، زارت كلينتون قناة “الجزيرة” القطرية في مايو 2010، واجتمعت مع مدير القناة، وضاح خنفر، والمدير العام للقناة الناطقة باللغة الإنجليزية، طوني بورمان.
تلا ذلك لقاء مع أعضاء مجلس إدارة “الجزيرة”، حيث جرت مناقشة زيارة وفد من القناة إلى واشنطن في منتصف مايو من العام نفسه، وزيارة القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر. وتوّجت هذه الاجتماعات بلقاء مع رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم.
وفي رسالة مُسرّبة أخرى، طالبت كلينتون، قطر بتمويل ما عُرِف بـ”ثورات الربيع العربي” عبر صندوق مخصص لمؤسستها.
كما كشفت إحدى الرسائل المُسرّبة عن دور قطري خبيث لزعزعة استقرار ليبيا، استنادا على اتهام رئيس الوزراء الليبي السابق محمود جبريل، الدوحة،بمحاولة لعب دور أكبر من اللازم في شؤون بلاده، ودعم فصائل متشددة لم يسمها، في تصريحات أذيعت في تلك الفترة.
بحسب البريد الإلكتروني المؤرخ في أكتوبر 2011، لعبت قطر دورًا في تحالف دولي ساعد على الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي في أكتوبر بعد أكثر من 40 عامًا في السلطة، وفق قناة “العربية” الإخبارية.
وقال جبريل، الذي استقال في أكتوبر 2011 بعد اعتقال القذافي وقتله، في مقابلة بثتها “العربية”- حينها: “أعتقد الآن أن قطر تحاول لعب دور أكبر من إمكاناتها الحقيقية”. ووفق البريد الإلكتروني المرسل إلى كلينتون، يعتقد مسؤولون ليبيون ودبلوماسيون غربيون أن قطر وهي واحدة من أصغر الدول في العالم العربي، تقدم الأموال والمساعدة الفنية للقادة العسكريين الإسلاميين المتشددين في ليبيا.
ولم يصدر تعليق فوري من قطر على تصريحات جبريل في تلك الفترة.
وفي بريد إلكتروني آخر مسرّب، يعود لسبتمبر 2012، كُشِف النقاب تعاون قطر مع جماعة “الإخوان المسلمين” لإنشاء قناة إعلامية بدعم قطري يصل إلى 100 مليون دولار، لتكون على غرار إذاعة “صوت أمريكا”، وذلك بعد أن شكت الجماعة الإرهابية من ضعف مؤسساته الإعلامية.
الفيصل يغلق الهاتف في وجهها
وأكدت الرسائل المسربة، بحسب صحيفة “عكاظ” السعودية، واقعة إغلاق وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل الهاتف في وجه كلينتون بعد أن طلبت من الرياض عدم إرسال قوات “درع الجزيرة” إلى البحرين عام 2011.
وشملت الرسائل المُسرّبة، رسالة من سفير أمريكي سابق لدى السعودية موجهة إلى كلينتون حول طبيعة المملكة وشعبها، جاء فيها: “المجتمع السعودي الوحيد على هذا الكوكب الذي لم يخترقه الاستعمار الغربي ولم يحتله جيوش أوروبية، ولم تُنتهك حدوده من المُبشرين أو المخترقين. وبخلاف بعض دول الخليج ، استثمرت المملكة ثروتها النفطية في الداخل وليس في الخارج فقط”.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلن ترامب رفع السريّة عن رسائل كلينتون. وغرّد عبر تويتر:”لقد أذنت برفع السرية تماما عن جميع الوثائق المتعلقة بأكبر جريمة سياسية في التاريخ الأمريكية، خدعة روسيا. وبالمثل، فضيحة البريد الإلكتروني الخاص بهيلاري كلينتون. لا تنقيح”.
وحثّ ترامب، وزير خارجيته مايك بومبيو، على إيجاد وسيلة لنشر رسائل إلكترونية من بريد كلينتون، وهو ما يطالب به نشطاء الجمهوريين الذين ينتقدون استخدامها خادمًا خاصًا بينما كانت تشغل منصب وزيرة للخارجية.
وقال ترامب: “إنها (الرسائل الإلكترونية) في وزارة الخارجية، لكن مايك بومبيو لم يتمكن من إخراجها، وهو أمر محزن للغاية في الحقيقة”، مُضيفًا: “لست مسرورا منه لهذا السبب. إنه يدير وزارة الخارجية.. أخرج تلك الرسائل”، حسبما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
بدوره، تعهّد بومبيو ببثّ تلك الرسائل. وقال لقناة “فوكس نيوز”: “سننشر هذه المعلومات حتى يتمكن الأمريكيون من رؤيتها”.
وبسؤاله عما إذا كان سيفعل ذلك قبل الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر، أجاب بومبيو: “سنقوم بذلك بأسرع ما يمكن. أعتقد أننا سنرى المزيد (من تلك الرسائل) قبل الانتخابات”.
قضية بريد كلينتون
تتعلق القضية بتعامل كلينتون مع رسائل البريد الإلكتروني الحكومية عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية في الفترة من عاميّ 2009 إلى 2013.
واستخدمت كلينتون، المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016، خادما خاصا لبريدها الإلكتروني بمنزلها في نيويورك للتعامل مع رسائل وزارة الخارجية.
وسلّمت ما يربو على 55 ألف رسالة لمسؤولين أمريكيين يحققون في الأمر، لكنها لم تسلم 30 ألف رسالة أخرى، بدعوى أنها “رسائل شخصية ولا تتعلق بالعمل”.
وفي أكتوبر 2016، حصل مكتب التحقيقات الفيدرالي”إف بي آي” على مذكرة للبدء في مراجعة أعداد هائلة من رسائل كلينتون، التي عُثِر عليها في جهاز محمول يعود لأحد كبار مساعدي كلينتون، هيوما عابدين، وزوجها أنتوني وينر.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية- وقتذاك- إن عدد الرسائل يصل إلى 650 ألف رسالة، لكن من المستبعد أن تكون جميعها ذات صلة بالتحقيق حول كلينتون.
جاء هذا بعد أن أعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، جيمس كومي، أنه سيحقق في مزيد من رسائل كلينتون لتحديد مدى تضمنها معلومات سرية، إضافة الى مراجعة التحقيق الذي انتهى في يوليو 2016.
وبعد تحقيق أجراه مكتب التحقيقات الفدرالي في القضية، لم يوص مدير الوكالة السابق جيمس كومي بتوجيه تهم لكلينتون لكنه قال إن تصرفاتها تنم عن “استهتار كبير”
كانت الخارجية الأمريكية بدأت منذ مايو 2015 في نشر رسائل بريد كلينتون الشخصي ليطلع عليها الرأي العام، وسط موجة من الجدل حول استخدامها بريدها الإلكتروني الشخصي بدلا من استخدام بريد تابع للوزارة.
وأظهرت مجموعة من رسائل كلينتون، كُشف عنها في أواخر عام 2015، أن قراصنة من روسيا على ما يبدو بعثوا 5 رسائل تحتوي فيروسات إلى كلينتون أثناء توليها منصبها.
واتخذت الرسائل شكل مخالفات سرعة مرورية، وكان من شأنها تمكين القراصنة من التحكم في جهاز الكمبيوتر الذي تستخدمه كلينتون في المنزل.
وكان مُخططًا أن يرسل جهاز الكمبيوتر بعد إصابته بالفيروس معلومات إلى ثلاثة أجهزة على الأقل خارج الولايات المتحدة، أحدها في روسيا.
ووجه معارضو كلينتون اتهامات إليها منذ ذلك الحين بتعريض الأمن القومي الأمريكي للخطر باستخدامها جهاز كمبيوتر غير آمن، لكنها أصرّت على أنها لم تستخدم هذا الجهاز في إرسال أو استقبال معلومات سرية.
وأقرّت كلينتون، في الوقت نفسه، بأنها اقترفت خطأ أمنيًا باستخدامها خدمة رسائل إلكترونية خاصة من منزلها في نيويورك.
وبحسب كلينتون، يبلغ عدد مراسلاتها حوالي 62 ألفًا و320 رسالة إلكترونية أثناء عملها كوزيرة للخارجية، نصفها كانت رسائل رسمية، وسلّمتها للوزارة.