سعر قياسي سجله كيلو البامية في الآونة الأخيرة بعد أن بلغ 150 جنيها ما جعل من هذا الخبر مادة للسمر بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنها قاربت سعر كيلو اللحم، فما تاريخ هذا الصنف من أصناف الخضر الذي فرض نفسه على مائدة المصريين.
تاريخيا يؤكد الباحث الزراعي والأثري وليم نظير في كتابه “الثروة النباتية عند قدماء المصريين” بأنه لم يثبت وجود البامية في العصر الفرعوني، إلا أنها انتشرت في العصرين الإغريقي والروماني، وقد عثر عليها الأثريون في النوبة، وقد صنع منها المصريون عقود الويكا.
وأضاف نظير أن المصريين القدماء قد سجلوا من خلال نقوشهم مناظر كثيرة لحدائق الخضر، وهذا ما نشاهده في قبر “مروركا” بسقارة، كما نشاهد رسومات في قبر “خنم حتب” في مقابر بني حسن بالمنيا، حيث تظهر أحواض مربعة زُرعت بالنباتات الخضراء، وتُظهر المقبرة أيضا أول معرفة للعالم بزراعة الأُصص التي تحولت فيما بعد لأصص الزينة، كما نلمح زراعة الخضر في قبور “البرشا” وقد كان المصريون يستخدمون الخضر في كثير من طعامهم؛ لفائدتها الصحية من جهة واقتصارا في أكل اللحوم، وكانوا يقدمون الكثير من الخضر في القرابين.
بدوره يأخذنا المؤرخ العلامة أحمد الحتة لحكاية وتاريخ الخضر في كتابه “تاريخ الزراعة في عهد محمد على باشا”، حيث يؤكد أن من البامية كانت من أهم الخضر التي كانت تشتهر بها مصر، وكانت مصر تزرع نوعين منها في عهد محمد على باشا وهى : البامية الطويلة، والبامية البلدية، وقد كانت البامية تتأثر بالبرد؛ لذا كانت لا تنتج في الشتاء، وقد كانت البامية تستنفذ بكثرة في مدة ستة أشهر تقريبا من كل سنة، وكانت تبلغ تقاوي الفدان المنزرعة بالبامية ثلث كيلة تقريبا.
وقد تم إدخال البامية للمرة الأولى إلى أوروبا عبر الأندلس مع الفتح الإسلامي لها، وقد وصفها العالم النباتي أبو العباسالإشبيلي المعروف بـ”ابن الرومية” في موسوعاته النباتية والطبية.
وبعد اكتشاف الأمريكتين نقلت البامية مع المهاجرين الأوروبيين إلى هناك، وعُرفت على نطاق واسع في البرازيل في عام 1658م.
وقد برعت المرأة المصرية في صنع أكلات شعبية من البامية، سواء البامية الناشفة والتي تكون في موعد عدم زراعتها وهو الشتاء، حيث يتم وضع عقود من البامية من خلال خيوط لتتحول البامية لحبات يابسة، أو البامية الخضراء في موسمها في الصيف وقد ارتبطت البامية بآلة المفراك الخشبية الداخلة في إعداد طعام البامية، كما تتنوع أكلات البامية من طاجن البامية التي يوضع عليه هبر اللحم والصلصلة، وإلى طبيخ بامية يكون بين بامية ثقيلة أوخفيفة من خلال استخدام المفراك.
وهكذا فإن البامية في مصر، إما تؤكل مطبوخة بصلصة الطماطم، وتكسبها مرقة لحم الضأن طعما خاصا ومميزًا، أو يضاف إليها المرق بشكلها الأخضر فيما تُعرف بـ”البامية الويكا الصعيدي”.